الكرك تحتضن مهرجان المثلث الذهبي الثقافي السياحي

مندوبًا عن وزيرة الثفاة هيفاء النجار، افتتح الأمين العام بالوكالة ماهر نفش، يوم الإثنين 4/9/2023 في مركز الحسن الثقافي بمديرية ثقافة الكرك، فعاليات مهرجان المثلث الذهبي الدولي الثقافي والسياحي بدورته التاسعة، الذي تنظمه جمعية واحة الفكر والأدب ويستمر بمشاركة عربية واسعة لخمسة أيام في محافظات الجنوب الكرك والطفيلة ومعان والعقبة.

وانطلق المهرجان الذي يشارك فيه (50) ضيفًا من الشعراء والأدباء والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين والصحفيين والفنانين التشكيليين ورجال الأعمال من (17) دولة عربية بالإضافة إلى الأردن، وسط حضور لافت من المثقفين والأدباء وفعاليات مجتمعية في الكرك.

وفي كلمتها، رحبت مديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايلة بالشعراء والمثقفين والمبدعين المشاركين في المهرجان، معربةً عن شكرها لوزارة الثقافة، لاهتمامها المتميز بدعم كافة الصناعات الثقافية والمسارات الثقافية السياحية، وأضافت أنّ مركز الحسن الثقافي يجمعنا اليوم في فضاء إبداعي حر وغني بالإرث والثقافة، في مهرجان يمثل روحًا عربية بالفكر الحر والثقافة والشعر والفن، فمهرجان المثلث الذهبي يشكل أرثا حقيقا في رحلته الممتدة من بلد كل ضيف من المشاركين وصولا لكرك الشهداء والحضارة ومحطة التقاء المثقفين، وانطلاقا لمحافظات الجنوب لتقديم الأردن بصورته المشرقة، مشيرةً إلى أن ما سيقدمه كل مشارك في هذه الرحلة من توثيق لإرث بلادهم وهوية الشعر والفن يجسّد معنى الأصالة في الحفاظ على هويتنا العربية والافتخار بها.

وأثنت الشمايلة على جهود جمعية واحة الفكر، ممثلة برئيسها الشاعر شوكت البطوش، وقالتإنّ القائمون على المهرجان وفي كل مرة يبدعون في خلق مساحة من الإبداع في الذاكرة في سبيل توثيق جمال هذه الرحلة الثقافية المثمرة، مؤكدةً أنّ ما نصنعه جميعا في سبيل هويتنا العربية ستعرفه الأجيال التي نسجل لها هذه التجربة لنواصل المسيرة.

وقال رئيس الجمعية الشاعر شوكت البطوش: نفتح لضيوفنا قلوبنا لتكون الموطن الآخر لهم، كما هو موطنهم الأول، من خلال المهرجان ووزارة الثقافة التي لم تألُ جهدا في دعم المثقفين والمسيرة الثقافية ليكون الوطن منارة للعلم والثقافة والأدب.

وتابع البطوش إنّ الثقافة هي غذاء الروح ولا وجود للمجتمعات بدونها، ومن هنا دأبت الجمعية على تنظيم المهرجان سنويا ليكون تظاهرة ثقافية إبداعية تهدف لترويج الأردن سياحيا وثقافيا والاحتفاء بالإنسان والمكان من خلال التعريف بالمواقع الأثرية والسياحية والقامات والنخب الفكرية الثقافية، إضافة إلى التشبيك الثقافي بين البلدان العربية، مع الإشارة إلى العادات والتقاليد المترابطة والقواسم المشتركة بينها عبر فعاليات المهرجان المنوعة والمتضمنة ندوات ثقافية وفكرية وأمسيات شعرية وفقرات فلكورية ومعرض كتاب وفن تشكيلي وبازارات خيرية ومسيرة هجن، بمشاركة فعاليات رسمية وأهلية وهيئات ثقافية ومجتمعية كشافة ومبادرات وطنية تطوعية.

وأعقب حفل الافتتاح عقد ندوة ثقافية بعنوان «الثقافة منصة للتواصل الاجتماعي» تحدث فيها نخبة من المثقفين والأكاديميين والشعراء.

وقال الأديب نايف النوايسة الذي أدار وشارك في الندوة، إنه لا حضارة بدون ثقافة، ولا معنى للثقافة إن لم تصنع حضارة، مضيفًا أننا نسترجع في هذه المقام من الماضي البهي إضاءات كاشفات نرى فيها المنجز الثقافي الإنساني في شتى العلوم والفنون والآداب والفلسفة، الذي يربط العالم كله بعُرى الحضارة الإنسانية المتينة، فلا يمكن للثقافة أن تحقق معناها كمنصة للتواصل الحضاري بين الشعوب بدون إعلام وترجمة وصحافة وجامعات وتعليم.

وتابع النوايسة، ونحن بصدد صناعة ثقافية شاملة نواجه بها العالم والمستقبل، يجب ألا نقف حائرين بين الشعوب وتنقصنا الجرأة على التفكير والعطاء، فحينما وصل التراث العربي الإسلامي الى شعوب العالم وجدنا هناك من يردده ويوظفه ويستلهمه من القدامى والمعاصرين، معتبرا أن هذه الندوة منصة لإعلان أن الثقافة هي طليعة الضوء الكاشف والنداء المحفز للإسهام في بناء الحضارة الإنسانية.

وتحدث المفكر والأديب الدكتور إدريس المرابط من المغرب في ورقته التي قدمها عن » دور المهرجانات العربية للشعر في تلاقح الثقافات العربية ونتائجها في الفعل الثقافي»، وقال إن المهرجانات تساعد في تعزيز رأس المال الفكري والثقافي وتُعدّ فرصة للتبادل بين الشعوب والتعرف على الحضارات المختلفة وبناء جسور تلاقح أفكار عربية قادرة على حمل الرسالة الحقيقية للثقافة، إضافة لدورها في تعزيز التنوع الثقافي وإبراز الصناعات الثقافية التي تمكّن من التعرف على المجتمعات باعتبارها أحد مقومات التراث، نظرا لقيمتها التاريخية والثقافية والحضارية وربطها في العصر الحديث.

وأشار المرابط إلى أن التركيز على الثقافات المحلية يعد ضرورة لما لها من قيمة في ترسيخ القيم والهويات الوطنية والروابط بين الإنسان وأرضه ومجتمعة مع الاحتفاظ بالتجارب والممارسات الناجمة خاصة في مجالات الأدب والفنون، لافتا إلى أن لقاء الشعراء والأدباء والمفكرين بمكان واحد كما في هذا المهرجان هو واقع ثقافي يعزز تداول الخبرات والمعارف بين الضيوف ومثقفي البلد المضيف، كما هو تعبير عن رغبة في التواصل والابتعاد عن مشاكل الحياة اليومية وإبداء الرأي بحرية داخل الفضاء الثقافي.

وقالت الباحثة والخبيرة التربوية وعضو اتحاد كتاب مصر والعرب والإنترنت الدكتورة أميمة منير جادو في ورقتها البحثية المعنونه بـ"أدب الأطفال منصة للتواصل الثقافي والحضاري» إن أدب الطفل لون من ألوان الأدب الموجه للأطفال في مختلف مراحلهم العمرية، وتكمن أهميته في المساعدة على إزالة الغموض الموجود في ذهنية الطفل وإثراء لغته كما يعمل على تحقيق الثقة بالنفس وحب الاكتشاف من أجل معرفة أكثر، إضافة لدوره في تنمية أواصر الإبداع والحس الفني الجمالي لديهم، فالقراءة المتواصلة -كما قالت- تهذب الذوق وتُعلّم الطفل أن يقدّر الكتاب الجيد والصور الجمالية.

وتابعت جادو إنّ الأهمية القصوى لأدب الطفل تتجلى في مساهمته بالحفاظ على الهوية والكيان الوطني وتحقيق التقارب الثقافي الحضاري بين الدول، لأن بناء المواطنة والتنشئة السياسية والاجتماعية للطفل تتوقفان إلى حد كبير على دور الأدب وثقافة الطفل ليتمكن من مواجه مشاكله، فيما ترى أن أدب الطفل إذا ما أحسن إعداده يمكن أن يقوم بدور في التقارب الثقافي عبر التربية الحضارية والكونية.

ودعت الدكتورة جادو إلى وضع سياسة عامة وخطة قومية طموحة لمشروع عربي موحد تتشارك فيه جمع الدول العربية بالتنسيق مع بعض المؤسسات والهيئات الدولية المعنية بالتربية من أجل السلام للسعي لترجمة الكتب إلى مختلف لغات العالم لتوفيرها للأطفال مع الحرص على تقويم الكتب التي يقع عليها الاختيار والتأكد من صلاحيتها للهدف الذي ستترجم من أجله وهو تعريف أطفال العالم بأدب الطفل والتراث العربي والحضارة العربية بالصورة الصحيحة.

وقدم أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤته الدكتور حسين المحادين من وجهة نظر علم اجتماع الأدب، رؤية تشخيصية عميقة لتكنولوجيا العولمة كمهدد للقيم الإسلامية.. الأسرة أنموذجا»، مبينا أن ثقافة العولمة تذوّب الهويات القومية ومؤسساتها، لا سيما الأسرة، لافتا إلى أنه واستنادا لمرحلتين منفصلتين زمنيا لكنهما مترابطتان عضويا في مسيرة المجتمع العربي هما الحداثة ما قبل تسعينيات القرن الماضي وما بعد الحداثة، ترابطا مع فلسفة العولمة ومصاحباتها التغييرية العميقة والمستمرة إذ أثرت بقوة عبر التكنولوجيا على واقع ومستقبل أدوار الأسرة العربية والإسلامية معا كجزء من مجتمعات العالم النامي العولمي.

وأشار محادين إلى أن نجاح تكنولوجيا العولمة في تنظيم تناقضاتها كرأسمالية تقنية معولمة تسعى إلى مراكمة الأرباح الضخمة من أدوات إنتاج وتصدير التكنولوجيا الفضائية التواصلية كمصدر جديد للاستثمار والربح وإدماجها في حركة التغيير الإنساني المعولم.

ونبة المحادين إلى إن اللغة العربية وهي اللغة المقدسة أصبحت تعاني من هشاشة وضعف وأشخاص يخجلون من أن يكونوا عربا، موضحا أن العولمة تمثل بأذرعها التكنولوجيه عملية هيمنة هادفة إلى فرض قيم اجتماعية خاصة بالحضارة الغربية، مشيرًا إلى ظاهرة العولمة وتحدياتها خاصة في أبعادها السياسية والتكنولوجية وظهور خصائص مجتمع المعلومات مقارنة بتفكيك المفهوم التقليدي للدولة، الأمر الذي يتطلب إعادة تنظير مجال التنمية السياسية وصياغتها مواكبة للتغيرات السريعة في مجالات المعرفة والثقافة والأيديولوجيا بمفهوم حداثي جديد.

و قدم الشاعر والكاتب رئيس منتدى النورس الثقافي الدولي بالقطيف في السعودية الدكتور علي الدرورة ورقة بحثية بعنوان «القصيدة المعاصرة نظرة للمدخل وانعكاسه على النص» عرض فيها للكيفية التي ينظر فيها الناقد والشاعر المتلقي لأي قصيدة معاصرة من خلال قوة مطلعها الذي يؤول عليها بصفتها عتبة الولوج وماذا يمثل له المحتوى من صور لا تليق بالخطاب الشعري وكذلك المفردات إن لم تكن ذات أبعاد فنية في المعاني.

وبين الدرورة أن الصياغة المتحركة بين الضعف والهشاشة التي يعتمدها الشاعر في مدخل قصيدته تزيح الستار عن عيوب قادمة لا محالة في متن أو روح النص، فالاستهلال ينبئ دائما عن الحدس العمق، فإذا كان المدخل قويا شعر الناقد بارتياح شديد وعرف مدى قوة الشاعر وقدرته اللغوية ومدى توظيف خبرته في عالم الشعر.

وأوضح أن الجماليات والصفات الإيقاعية من صور لها دلالاتها في نهج المطلع الكلاسيكي تكشف عن قاموس لغوي يعكس بيان ولغة الشاعر ذاته، فالمفردات لها دلائل ورنين تجذب السامع فورا، وتملك لبّه للإنصات لكل أجراء القصيدة من المطلع حتى الخاتمة بحيث يكون المتلقي مشدودا للإيقاع والمعاني.

وساق الدرورة عدة نماذج لقصائد بيّن فيها أن مداخلها لم تنبئ بمحتوى رائع من العمق أو روح القصيد،ة وهو الأمر الذي يدفع المتذوق لأن يحجم عن حب الشعر وكذلك الناقد لكي يتخلى عن أدواته، أما الشاعر فإذا استمر على ذات المنهج فإنه سوف يتمادى ويتغطرس في نصوص أخرى أقسى انحدارا من هذا المستوى، مؤكدا أن غياب الشاعرية وحلول صور كلامية ضعيفة يولّد حالة من التراجع في الإقبال على الشعر وعوالمه.

إلى ذلك، تضمنت فعاليات المهرجان أمسية شعرية شارك فيها الشعراء الشوق طير/قطر، جبار العكيلي/ العراق، وليد أبو لجين/سوريا، يامن صعب/لبنان، صفية ليمان/ تونس، إضافة للشاعرين الأردنيين عبد الرحمن الحويطي ولطيف العنزي، حيث قرأ الشعراء مجموعة من قصائدهم التي تغنت بالأردن وقيادته وشعبه والعلاقات التي تجمع الأقطار العربية، إضافة إلى نصوص غزلية، كما تم افتتاح معرض للفن التشكيلي شارك فيها مجموعة من المبدعين الشباب بإشراف الفنانة رانيا البيايضة.

الرأي

5/9/2023


كيف تقيم محتوى الصفحة؟