Logo 2 Image




وزارة الثقافة - نشأتها، مسيرتها وتطورها

جاء الاهتمام بالتعليم منذ تأسيس الدولة الأردنية كمقدمة لإشاعة الثقافة العربية المنفتحة على البعد الإنساني الأعم. فلقد شهد الأردن منذ تأسيسه نشاطاً ثقافياً ملموساً في بلاط سمو الأمير عبدالله المؤسس. فلقد كان شاعراً وأديباً، أولى اهتماماً بالأدب بشكل خاص والثقافة بشكل عام، وقد كان بلاطه بمثابة منتدى ثقافي نشط.

إلا أن مأسسة العمل الثقافي في الأردن، جاءت مستندة إلى تراكمات في العمل الثقافي الحكومي والأهلي، قد بدأت بإنشاء دائرة الثقافة والفنون العام 1966 لتكون إطاراً راعياً للنشاط الثقافي في المملكة، بالإضافة إلى ملء الفراغ على صعيد الخدمات الثقافية، فقد جاء إنشاء الدائرة من أجل الاهتمام بكل ما يتعلق بالشؤون الثقافية والفنية في المملكة، والتعاون مع الكتاب والمثقفين والفنانين ودعم نشاطاتهم. وقد ارتبطت هذه الدائرة بوزارة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار التي أنشئت في مطلع العام 1964، وأنيطت بها العناية بمختلف الشؤون الثقافية والإعلامية، وقد تألفت الدائرة حتى عشية ارتباطها بوزارة الثقافة والشباب سنة 1976، من الأقسام التالية:

  • القسم الثقافي.
  • المعهد الموسيقي.
  • فرقة الفنون الشعبية.
  • قسم الفن المسرحي.
  • قسم الفلكلور.
  • قسم الفنون التشكيلية.

وظلت دائرة الثقافة والفنون مرتبطة بوزارة الإعلام حتى إنشاء وزارة جديدة باسم وزارة الثقافة والشباب بمقتضى المادة 20 من الدستور، وقد صدر نظامها سنة 1977 وتشكلت من الدوائر التالية:

  • دائرة الثقافة والفنون.
  • مديرية المكتبات والوثائق الوطنية.
  • مؤسسة رعاية الشباب.

أما دائرة الثقافة والفنون، التي قامت على أساسها وزارة الثقافة لاحقاً، فقد كانت تتكون من الأقسام التالية:

  • قسم نشر الإنتاج الثقافي وتوزيعه.
  • قسم المأثورات الشعبية.
  • قسم المسرح.
  • قسم الدوريات.
  • معهد الموسيقى والفنون الجميلة.

ومع تطورات الدولة الأردنية، وبروز التمايز بين النشاطات الشبابية والثقافية وتوسعها، أصبح من الضرورة إنشاء وزارتين منفصلتين، حيث أنشئت أول وزارة للثقافة والتراث القومي العام 1988 بنظام خاص هو نظام وزارة الثقافة والتراث القومي رقم 5 لسنة 1988، ثم نظام وزارة الثقافة رقم 5 لسنة 1990، ثم تلاه نظام التنظيم الوزاري لوزارة الثقافة رقم 15 لعام 2003.

ويمكن تقسيم المراحل التي تطورت من خلالها وزارة الثقافة إلى خمس مراحل:

مرحلة دائرة الثقافة والفنون المرتبطة بوزارة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار  

وهذه المرحلة تمتد من العام 1966 إلى العام 1976، وقد كانت مرحلة تأسيس العمل الثقافي الحكومي، فصدر أول نظام لنشر الإنتاج الثقافي في الأردن وتوزيعه سنة 1969، وبوشر بنشر الكتب الثقافية، وصدرت أول مجلة ثقافية (أفكار) سنة 1966، وأنشئ المعهد الموسيقي سنة 1966 بالإضافة إلى فرقة الفنون الشعبية، وتأسست أول فرقة مسرحية حكومية – أسرة المسرح الأردني حيث استمر نشاطها من العام 1965 حتى العام 1977، وظهرت جمعية المكتبات الأردنية العام 1967، وأقامت الحكومة أول قصر للثقافة في مدينة الحسين للشباب العام 1968، وباشرت بإقامة المركز الثقافي الملكي العام 1973، وأنشئت رابطة الكتاب الأردنيين العام 1974، والمكتبة الوطنية العام 1975، بموجب نظام رقم 85 لسنة 1975، وصدرت مجلة "صوت الجيل" ومــجــلة "الفـــنــون الشـعبية" العام 1974، وعملت المديرية على تسجيل أقوال عدد كبير من المعمرين وغيرهم ممن يحفظون المأثورات الشعبية، وظهر نادي إحياء التراث الشعبي العام 1970، الذي أقام المتحف الشعبي للحلي والأزياء الشعبية في المدرج الروماني.
وقد رعت دائرة الثقافة والفنون في هذه المرحلة – ضمن إمكانياتها- قطاعات الثقافة المختلفة، الأدباء، المسرحيين، والفنانين التشكيليين، والموسيقيين، وقد استمرت هذه الرعاية في المراحل اللاحقة

مرحلة دائرة الثقافة والفنون المتصلة بوزارة الثقافة والشباب

امتدت هذه المرحلة من العام 1976 حتى العام 1984، وهي مرحلة تميزت بنشاط ثقافي ملموس، إذ واصلت الوزارة اهتمامها بالقطاعات الثقافية، وتوثقت العلاقة بينها وبين المثقفين في هذه القطاعات، فقد عقد أول اجتماع عمل بين وزير الثقافة والشباب والكتاب الأردنيين سنة 1977، وأول اجتماع مع الفنانين التشكيليين كانت نتيجته ظهور رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين العام 1977، وصدر أول نظام لجوائز الدولة التقديرية للآداب والفنون رقم 19 لسنة 1977، وعقد في عمان أول مؤتمر لوزراء الثقافة العرب العام 1976، وصدر عنه "بيان عمان" الثقافي الذي أصبح دستوراً شاملاً للحركة الثقافية العربية، وتأسست في هذه المرحلة رابطة المسرحيين الأردنيين بتشجيع من الوزارة العام 1977، وعقدت أول ندوة للمهتمين بأمر المسرح في الأردن العام 1978، وصدرت مجلة الفنون العام 1987، وباشر المركز الثقافي نشاطه عام 1983، وأسست رابطة الموسيقيين الأردنيين عام 1980 وظهر المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية – مؤسسة آل البيت كصرح ثقافي جديد في العام نفسه. وشهدت هذه المرحلة توسعاً في إقامة علاقات ثقافية وعقد اتفاقيات مع العديد من الدول العربية والأجنبية، واستمرت الوزارة في أنشطتها من خلال مواصلة نشاطات دائرة الثقافة والفنون في إصدار الكتب والدوريات ورعاية النشاطات المسرحية للكبار والأطفال، وكذلك استضافة الفرق الفنية وتقديمها للمواطنين الأردنيين، كما عملت الوزارة على تجديد الأنظمة التي تعمل بها، فصدر نظام الإنتاج الثقافي وتوزيعه رقم 38 لسنة 1977، ملغياً نظام 1969، وصدر نظام مديرية المكتبات والوثائق الوطنية رقم 27 لسنة 1977 ملغياً نظام سنة 1975، وبعد مرحلة وزارة الثقافة والشباب، عادت دائرة الثقافة والفنون لترتبط مجدداً بوزارة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار لفترة قصيرة، امتدت من العام 1984 حتى العام 1988، وكانت نشاطاتها استمراراً لنشاطات المديرية السابقة، وبدأت في الظهور بعض الفرق الفنية التي أخذت على عاتقها حفظ الفلكلور الشعبي ونشره، وبدأت المنتديات والجمعيات الثقافية في الظهور.

مرحلة الوزارة بوضعها الحالي، التي بدأت في العام 1988

إذ تم تشكيل وزارة الثقافة والتراث القومي بموجب نظام رقم 15 لسنة 1988، وقد تبلورت وزارة الثقافة بوصفها مؤسسة حكومية تعني بالشأن الثقافي، لها أهدافها وسياستها المحددة في نظام الوزارة. وقد تميزت هذه المرحلة بدخول الأردن حقبة مهمة في تاريخه، إذ أعيدت الحياة الديمقراطية إلى البلاد بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عاماً، وأعيدت الحياة الحزبية والحريات السياسية، وقد كان من شأن ذلك أن فتح الباب على مصراعيه أمام التوسعَين الأفقي والعمودي في النشاطات الثقافية، فاستحدثت الوزارة مديريات الثقافة في المحافظات المختلفة، وازداد عدد الهيئات الثقافية إلى أكثر من الضعفَين، وشهد الأردن حركة ثقافية نشطة للغاية، فعقدت في عمان الأيام الثقافية الأردنية الفلسطينية العام 1991، وعقدت الوزارة ندوات ثقافية ذات صلة بالثقافة الأردنية تحت اسم "ملتقى عمان الثقافي السنوي"، وأعيدت الحياة للحركة المسرحية، من خلال تبني فكرة مهرجانات المسرح للكبار وللشباب وللأطفال ابتداءً من العام 1993، وعقد في عمان مؤتمر الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الثامن عشر للمرة الأولى في العام 1992، وانتُخب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين رئيساً للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، واحتضنت الوزارة مقره في عمان. وعقد اجتماع للفعاليات الثقافية في الأردن العام 1993، وازداد الاهتمام بثقافة الطفل، حيث استأنفت مجلة "وسام" صدورها العام 1988، وأقيم أول مهرجان لأغنية الطفل العام 1993، وعرضت مسرحيات للأطفال، وشهد الأردن حركة لا مثيل لها في معارض الفنون التشكيلية برعاية الوزارة، وأقيم مهرجان الأغنية الأردنية الأول بمبادرة من رابطة الموسيقيين الأردنيين العام 1993.
وعقدت اتفاقية ثقافية مع حكومة الصين الشعبية، تقدم بموجبها الحكومة الصينية مساعدة من أجل إنشاء مبنى حديث ومتطور للمكتبة الوطنية، وأصبحت المكتبة الوطنية دائرة قائمة بذاتها، وصدر قانون حماية حق المؤلف رقم 22 لسنة 1992 وأسس متحف الحياة السياسية العام 1994، الذي يؤرخ لنشاط الدولة الأردنية، واتخذ من مبنى مجلس الأمة القديم مقراً له، وتولت الوزارة الإشراف على بيت عرار في إربد، وتبنت المساعدة في إنشاء مركز ثقافي في الحصن / إربد، وفي الكرك وفي معان في مبنى السرايا القديم.
واستطاعت الوزارة ضمن الإمكانيات المادية المحدودة أن تقدم الدعم لكل قطاعات المثقفين، فتبنت سياسة دعم الكاتب الأردني ابتداءً من العام 1993، ودعم الفنانين التشكيليين والموسيقيين والمسرحيين في إقامة نشاطاتهم ورعايتها، وتقوم الوزارة بتشجيع ورعاية النشاطات الثقافية في المحافظات والمدن الأردنية المختلفة.

المرحلة الرابعة التي بدأت العام 2002

وفيها خطت الوزارة خطوات واثقة ومتميزة في العمل الثقافي، فقد تميز العام 2002 باختيار عمان عاصمة للثقافة العربية، فقد استطاعت الوزارة وبالتعاون مع المؤسسات وهيئات العمل الثقافي المختلفة أن تحقق للعمل الثقافي الشيء الكثير من حيث تنوع الأنشطة والفعاليات الثقافية التي أقيمت بهذه المناسبة، خصوصاً الأسابيع الثقافية العربية التي كان لها دور كبير في إرساء التعاون والتبادل الثقافي بين الأقطار الشقيقة المختلفة، فلقد كانت تجربة عمان عاصمة للثقافة العربية تجربة فريدة ومتميزة، وباعتراف منظمة اليونسكو فقد احتلت عمان المرتبة الأولى بين عواصم الثقافة العربية من حيث قوة الزخم الثقافي وتنوعه وكيفيته. وقد شكلت هذه المرحلة أساساً قوياً لمرحلة التشريعات والقوانين التي صدرت في المرحلة اللاحقة.

المرحلة الخامسة من تاريخ مسيرة وزارة الثقافة

تمثلت بصدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على نظام رقم 15 لعام 2003 الخاص بنظام التنظيم الإداري لوزارة الثقافة والموافقة على نظام رقم 16 لسنة 2003 الخاص بنظام التنظيم الإداري للمركز الثقافي الملكي، وكذلك صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على القانون المؤقت رقم 3 لسنة 2003 – قانون رعاية الثقافة. 
وجملة القوانين والتشريعات التي صدرت إنما جاءت استكمالاً لتنظيم عمل الوزارة والجهات التابعة وبما يتلاءم مع متطلبات تطور العمل الثقافي، وتعكف وزارة الثقافة حالياً على الإعداد لإصدار مشروع نظام صندوق دعم الثقافة لتأمين مورد مستقلة تساعد على تنمية العمل الثقافي والارتقاء به للوزارة وللهيئات الثقافية والمؤسسات المعنية بالعمل الثقافي.

إن وزارة الثقافة تنطلق من مبدأ أن الثقافة لا تصنعها المؤسسات الحكومية، لكن تصنعها الجماهير وقطاعات المثقفين، ولا تسعى الوزارة إلى أن تصبح سلطة ثقافية، بل تسعى إلى تعزيز دور الثقافة في حياة المجتمع.

وقد توجت جهود المؤسسات الثقافية والحركة الثقافية، بصدور قانون رعاية الثقافة رقم 36 لسنة 2006 وتعديلاته، وكذلك البدء بتنفيذ خطة التنمية الثقافية الأولى للأعوام 2006 - 2008.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟