Logo 2 Image




أسبوع فيلم المرأة 12: رحلة سينمائية لأصوات نسائية ملهمة

 

لطالما كانت السينما وسيلة قوية لتناول القضايا المجتمعية، لا سيما أدوار وتجارب المرأة، حيث تتمتع الأفلام بقدرة التأثير على الإدراك العام وتعزيز فهم أعمق للجوانب المعقدة، وهذا ما يجعلها تلامس البعدين الثقافي والاجتماعي.
في الدورة الثانية عشرة لأسبوع فيلم المرأة الذي يقام تحت رعاية الأميرة بسمة بنت طلال، سفيرة النوايا الحسنة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، تعرض 15 فيلما تحتفي بالمرأة بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة وتنظمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع الهيئة الملكية للأفلام، حيث تنطلق العروض اليوم وتستمر حتى يوم السبت المقبل في مسرح الرينبو، بواقع عرضين كل يوم عند الساعة 6 و8 مساء، وهي مجانية للجميع.
ويوفر أسبوع أفلام المرأة منصة مخصصة لعرض أفلام النساء وحولهن، وتسليط الضوء على قصصهن وتحدياتهن وانتصاراتهن عبر الثقافات والمجتمعات المختلفة، ومن خلال مثل هذه الفعاليات، يمتد دور السينما إلى ما هو أبعد من الترفيه ليصبح حافزا للتغيير الاجتماعي، ويقدم وجهات نظر جديدة حول الحقوق والإنجازات والقضايا التي تواجه المرأة في جميع أنحاء العالم.
هذا المهرجان بمثابة فرصة لتكريم الأعمال الإبداعية التي قد تظل غير مرئية، مما يعطي صوتا للتجارب والأفكار الفريدة للمرأة، وتمثل الخيارات المعروضة من أفلام مميزة وقوية قصصا لنساء حقيقيات ملهمات في مجتمعهن وقفن صامدات من أجل إثبات أنفسهن، وهي نماذج يحتذى بها وتسلط الضوء على ما تعانيه المرأة في العالم، ومن أهم تلك الأفلام:
"تحت الشجرة"
فيلم "تحت الشجرة" للمخرجة التونسية أريج السحيري يبرز حياة الفلاحين في ريف تونس، وخاصة في مدينة كسرة. يصور الفيلم الحياة اليومية لهؤلاء العمال ويعكس تفاصيل حياتهم من خلال العمل، الفرح، الحزن، والغضب. يركز الفيلم على التحديات التي يواجهها الفلاحون ويقدم تصويرا وثائقيا ليوم كامل يقضونه تحت شجرة التين، مما يعطي نظرة عميقة وواقعية لحياتهم.
السحيري اختارت ممثلين من السكان المحليين الذين لم يمثلوا من قبل ليضيفوا أصالة وعفوية للعمل. تعكس شجرة التين في الفيلم قوة وتحمل الفلاحين، بينما تظهر ثمارها اللينة الحساسية والعناية المطلوبة في جنيها. الفيلم يعرض أيضا العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين الشخصيات، مضيفا أبعادا على النقاشات حول مكانة الرجل والمرأة في المجتمع.
والفيلم لا يستكشف فقط التحديات التي يواجهها الفلاحون، بل يحتفي أيضا بالثقافة والتقاليد الريفية، مقدما تصويرا يفتح النقاش حول الحياة في الريف التونسي.
"تحت شجرة الليمون"
يقدم المخرج نور الأسود لمحة قصيرة ومؤثرة عن حياة امرأة فلسطينية مهجرة. يستعرض ذكرياتها الأولى في وطنها تحت ظل شجرة الليمون. بالرغم من بساطة العناصر، ينجح الفيلم في نقل العاطفة والحنين إلى الماضي والوطن المفقود. تمثل الليمونة رمزا للذكريات والأمل في العودة إلى الوطن.
أيضا، يلقي الضوء على قصة شخصية تعبر عن تجربة النزوح والحنين إلى الوطن. يعكس "تحت شجرة الليمون" الروح الإنسانية ويجعلنا نتأمل في قيمة الذكريات والروابط العاطفية التي تربطنا بأماكننا الأصلية.
"ما تريده ولاء"
الفيلم للمخرجة كريستي جارلاند، وثائقي مدته 89 دقيقة، أنتج بين كندا والدنمارك في العام 2018، يروي الفيلم قصة ولاء؛ فتاة نشأت في مخيم للاجئين في الضفة الغربية بينما كانت والدتها في السجن. تسعى ولاء لتصبح من النساء القلائل في قوات الأمن الفلسطينية، وهو تحد كبير لفتاة تخالف القواعد دائما.
يتتبع الفيلم حياة ولاء من عمر 15 حتى 21، مقدما نظرة على تجاربها وتحدياتها اليومية وكيف تعلمت التمييز بين القواعد التي يمكن كسرها وتلك التي يجب اتباعها، وكيف تغلبت على التوقعات السلبية من محيطها والعالم أجمع.
هذا الفيلم يحمل أهمية خاصة في إطار "أسبوع أفلام المرأة" نظرا لتركيزه على قضايا تمكين المرأة والتحديات الخاصة التي تواجهها النساء في مجتمعات تعاني من الصراعات والقيود الاجتماعية. يظهر "ما تريده ولاء" كيف يمكن للإرادة الفردية أن تتحدى الظروف القاهرة وتحدث تغييرا إيجابيا، مما يجعله مثالا ملهما للنساء في كل مكان، خصوصا اللواتي يسعين لكسر الحواجز في مجالات تعد حكرا على الرجال.
"مش زيهم"
فيلم للمخرجة السويسرية المصرية نادية فارس، وثائقي مدته 86 دقيقة، يستكشف الفيلم قصة ثلاثة أجيال من النساء اللواتي تمردن على القيود الأبوية. في هذه الرسالة السينمائية، تقدم نادية فارس تحية إلى والدها، مستعرضة 75 عاما من نضالات النساء في مصر، بلد والدها، وفي سويسرا، بلد والدتها حيث نشأت.
يتناول الفيلم تأثير التقاليد الأبوية في الشرق والغرب، مكشوفا إياها كصور متماثلة. من خلال هذا العمل، تكشف نادية عن التحديات التي واجهتها النساء عبر الأجيال وكيف تغلبن على هذه التحديات في مجتمعات تهيمن عليها القيم الذكورية.
ويلقي الفيلم الضوء على الكفاح المستمر للمرأة ضد القمع في بيئات مختلفة لأنه يستعرض تجربة المخرجة الشخصية والأسرية كخلفية لمناقشة قضايا مثل النسوية. يقدم الفيلم قصة ثلاثة أجيال من النساء اللواتي يقاومن السلطة الأبوية في مصر وسويسرا، مستعرضا التحديات والقيم الجديدة التي تجاوزت العادات القديمة. نادية، التي نشأت في سويسرا وتأثرت برحيل والدها العربي، تروي كيف تأثرت حياتها بالاختلافات الثقافية بين والديها. الفيلم يتبع رحلتها في اكتشاف جذورها والتحديات التي واجهتها النساء في عائلتها في التعامل مع المجتمع والثقافات المختلفة.
"التهويدة"
فيلم للمخرجة ألاودا رويز دي أزوا، يعد مثالا بارزا للأفلام التي تستكشف تحديات الأمومة والعلاقات بين الأمهات وبناتهن. يظهر الفيلم بطريقة عميقة وحساسة، الصعوبات العاطفية والبدنية التي تمر بها الأم بعد الولادة، مع التركيز على الجوانب النفسية للأمومة وتأثيرها على العلاقات الأسرية. يعد "Lullaby" تصويرا مؤثرا للعلاقة بين الأم وابنتها، مع استكشاف الفيلم لتحديات التواصل والتفاهم بين الجيلين في ظل ضغوط الحياة اليومية. يسلط الفيلم الضوء أيضا على كيفية تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية على تجربة الأمومة، مقدما بذلك رؤية شاملة تمزج بين الحساسية والواقعية.
"خط الانطلاق"
فيلم وثائقي ياباني للمخرجة أياكو إيمامورا، يستكشف الحياة اليومية والتحديات التي تواجهها المرأة اليابانية في مجالات متنوعة، مما يبرز دور النساء في المجتمع الياباني الحديث.
يقدم الفيلم نظرة عميقة للعقبات التي تواجهها النساء في السعي نحو تحقيق أهدافهن المهنية والشخصية، ويُظهر كيف يمكن للأفلام أن تلعب دورا مهما في توثيق الواقع الاجتماعي والثقافي للنساء. من خلال التركيز على الجوانب الإنسانية والاجتماعية من خلال قصة المخرجة نفسها التي ولدت صماء، لكن أكبر مشاكلها لم تكن عدم قدرتها على السمع، بل ظهرت عندما بدأت التواصل مع الأشخاص القادرين على السمع. كانت تشعر باليأس الشديد مرات عدة عندما تواجه حواجز في التواصل معهم.
"الأسوياء"
فيلم وثائقي للمخرجة إيلي وين، يسلط الضوء بشكل عميق على فريق الروبوتات النسائي في سان فرانسيسكو. يتتبع الفيلم رحلة فريق من الفتيات وهن يتحدين الصور النمطية والحواجز في مجال الهندسة والتكنولوجيا، وهو مجال يهيمن عليه الذكور تقليديا.
من خلال تصويره لهذه الفتيات وهن يعملن معا ويتنافسن في مسابقات الروبوتات، يبرز الفيلم كفاحهن وإصرارهن على إثبات أنفسهن في هذا المجال. يقدم الفيلم نظرة فاحصة ليس فقط على التحديات التي تواجهها النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا، بل أيضا الطموح والإلهام الذي يمكن أن توفره النساء لبعضهن بعضا وللمجتمع بشكل عام.
"قلب ميزكيت"
فيلم "دراما" للمخرجة أنا لورا كالديرون، يسرد قصة لوسيا؛ فتاة يوريمي من شمال المكسيك، تحلم بشفاء قلب والدها المنكسر من خلال عزف القيثارة، وهي آلة موسيقية تقليديا لا يعزفها إلا الرجال في مجتمعها. 
يتناول الفيلم تحديات لوسيا وكفاحها لكسر القوالب النمطية الجندرية والثقافية، ويعرض بعمق الصراعات الشخصية والثقافية التي تواجهها في رحلتها نحو تحقيق حلمها. من خلال تصوير هذه الرحلة، يبرز الفيلم مواضيع مثل الأمل والتحدي والتمكين الشخصي، مقدما تجربة سينمائية غنية بالعاطفة والمعنى.
"ترفيه"
فيلم درامي للمخرجة ماري-كاستيل منشن-شار، يروي قصة حقيقية وملهمة لزاهية زيواني؛ فتاة في السابعة عشرة من عمرها تحلم بأن تصبح مايسترو أوركسترا في بيئة لا تدعم عادة مثل هذه الأحلام للنساء. 
هو فيلم وثائقي يجسد رحلة زاهية زيواني وشقيقتها فطومة في سعيهما لاقتحام مجال الإدارة الموسيقية، وهو مجال يسيطر عليه الرجال بشكل تقليدي. يبرز الفيلم الصعوبات والتحديات التي واجهتهما في طريقهما نحو تحقيق حلمهما بعبور الحواجز الثقافية والاجتماعية في ضواحي باريس.
الفيلم، بأداء مؤثر وقوي للممثلة أولايا أمامرة وفريق العمل الداعم، ينقل الجمهور في رحلة مؤثرة من الألم والتحدي إلى الانتصار والإلهام، مؤكدا القوة الكامنة في كل امرأة تسعى لتحقيق حلمها على الرغم من كل الصعوبات.
"لا ماتاموروس"
فيلم وثائقي من إخراج دلفينا فيدال، يبرز دور النساء في حركة حقوق المرأة من خلال شخصية لوسيا ماتاموروس، التي لعبت دورا بارزا في تحرير المرأة والعمال في بنما. يستعرض قصة لوسيا التي تحدت الأعراف الاجتماعية والثقافية لتصبح رمزا للنضال والقوة في وجه التمييز والظلم.
يظهر كيف استخدمت لوسيا ذكاءها وشجاعتها لمواجهة العقبات التي تحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. من خلال تصويرها الجريء، تظهر دلفينا فيدال كيف يمكن للمرأة أن تكون قائدة مؤثرة وملهمة.
"المرأة التي تقف خلف فنان الوشم"
فيلم وثائقي من إخراج لورين سيفيلا فاوستينو، يستكشف حياة وفن فنان الوشم. يركز الفيلم بشكل فريد على كيفية ارتباط عمل الفنان بالهوية الثقافية والتاريخ الشخصي، باستخدام جسده المزين بالوشوم كقماش يمثل خريطة الحياة وشاهدا على تقليد يتلاشى.
يؤكد هذا الفيلم، الذي أنتج في الفلبين ويقدم بلغتي كالينجا وإيلوكانو، الارتباط العميق للفنانة بجذورها الأصلية والآثار الأوسع نطاقا للحفاظ على التراث الثقافي من خلال ممارسات حديثة مثل الوشم، كما يقدم سردية ذكية عميقة عن امرأة امتهنت حرفة يسيطر عليها الذكور، مما يتحدى الأنماط الاجتماعية ويسلط الضوء على منظور أنثوي قوي ضمن الإطار الثقافي.
"وداعا جوليا"
من أهم الأفلام العربية في العام 2023 والسودانية أيضا، وهو أول فيلم لمخرجه محمد كردفاني، وهو يعكس الواقع الاجتماعي والثقافي الذي شهدته السودان في فترة تقسيمها. يسلط الفيلم الضوء على قصة امرأتين تعكسان صورة البلد الممزق بين الشمال والجنوب، ويعرض بذلك الأثر العميق للانقسامات السياسية والثقافية على الأفراد والعائلات.
الفيلم لم يسلط الضوء فقط على الصراعات الداخلية للسودان، بل أيضا على قوة ومكانة المرأة في هذه الظروف الصعبة، مما يجعله نافذة مهمة للعالم لفهم التحديات التي تواجهها المجتمعات في مراحل التحول الكبرى.
"وداعا جوليا" هي دراما سودانية عميقة أحدثت موجات كبيرة في السينما لسردها الجذاب وعمق استكشافها العاطفي والأخلاقي، من خلال مواضيع ثقيلة مثل الاضطهاد الديني والعنصرية، مما يجعلها قصة مؤلمة ولكنها مجزية عاطفيا. إن وضعه خلال فترة حرجة في التاريخ السوداني بين العامين 2005 و2010 يضيف طبقة من الأصالة التاريخية والتوثيق.


كيف تقيم محتوى الصفحة؟