لواء الرصيفة /ألوية الثقافة الأردنية 2022
تتميز الرصيفة بموقعها الاستراتيجي؛ المتوسط بين العاصمة عمان ومدينة الزرقاء، وتعتبر من كبريات المدن الأردنية من حيث عدد السكان والبالغ نحو 600 ألف نسمة ومساحتها التنظيمية المقدرة 40 كم2، وترتفع الكثافة السكانية فيها حيث تقدر بحوالي 15 ألف نسمة في الكيلو متر المربع الواحد؛ وهذه النسبة من أعلى المستويات عربيا. ويعزا سبب الزيادة السكانية الهائلة إلى اكتشاف خامات الفوسفات (بترول الأردن) وثروته القومية في عام 1934 حيث تم تأسيس شركة مناجم الفوسفات الأردنية وكذلك إقامة العديد من الشركات والمصانع الكبرى مثل شركة الإنتاج الأردنية ومصنع الأجواخ والألبان الأردنية وذلك في منتصف القرن الماضي الأمر الذي أدى إلى توفير المزيد من فرص العمل للأيدي العاملة وهم في غالبيتهم من الفنين المهرة والخبراء المختصين استقطابهم للعمل في تلك المصانع والشركات مما ساعد على تكوين بيئة مناسبة للسكن مع أسرهم وذويهم والإقامة في تجمعات سكانية بسيطة قريبة من أماكن العمل.
ومن العوامل الرئيسة التي شكلت المدينة تعرضها إلى ثلاث هجرات وافدة في فترات زمنية متقاربة وهي النكبة في عام 1948م وتهجير الفلسطينيين من بلادهم جراء الاحتلال الصهيوني، ونكسة عام 1967م ونزوح مئات الألوف من الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك عودة المغتربين من الخليج بعد حرب الخليج الثانية في عام 1990م وخاصة من دولة الكويت واستقرار الآلاف منهم في شمال المدينة حيث تكونت الأحياء الجديدة في شمال المدينة وهي (حي القادسية وحي الرشيد وحي جعفر الطيار) ومن العوامل التي ساعدت على نمو المدينة إقامة العديد من المشاريع الإسكانية الكبيرة من قبل مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري في شمال وجنوب المدينة (إسكان الأمير طلال بن محمد، وإسكانات التطوير الأول والثاني والثالث والرابع، إسكان الأمير هاشم بن الحسين والنقب والمعلمين) والتي استوعبت عشرات الألوف من سكان المدن والتجمعات القريبة كل ذلك لقربها من العاصمة عمان ومدينة الزرقاء التي لا تبعد عنها سوى أربعة كيلومترات وسهولة المواصلات من وإلى أماكن الأعمال وتمتد الرصيفة من حدود أمانة عمان غربا إلى حدود بلدية الزرقاء شرقا ومن شارع الأوتوستراد جنوبا إلى حدود بلدية الزرقاء شمالا.
وتقع المدينة على مجموعة من التلال والهضاب والروابي المتوسطة الارتفاع ويخترقها وادي سيل الزرقاء بطول 8 كم. وتشكل مياه الأمطار نسبة كبيرة من مياهه إضافة إلى مياه الينابيع العذبة التي تنساب من وسطه حتى مصبه في سد الملك طلال وأشهرها نبع راس العين وعين غزال حيث قامت سلطة المياه بإنشاء العديد من آبار المياه التي تغذي المدينة والعاصمة عمان بمياه الشرب، حيث أن مجرى السيل يقسم مدينة الرصيفة إلى نصفين أحياء شمالية وجنوبية تتوسطها البساتين الجميلة ذات الأشجار والفواكه والخضراوات التي كان يأمها الزوار والمصطافين من كافة مدن المملكة ولوجود المتنزهات والجلسات الهادئة مثل منتزه الرصيفة للعائلات ومنتزه لبنان وزحلة واشبيلية وسوريا. ومناخ المدينة يتميز بالاعتدال في الصيف والشتاء وترتفع عن مستوى سطح البحر 700 متر تقريبا ومعدل هطول الأمطار يبلغ حوالي 300 ملم وتتعرض لتساقط الثلوج في بعض المواسم.
واغلب أحياء المدينة مخدومة بكافة خدمات البنية التحتية من مياه ومجاري وكهرباء واتصالات ومواصلات وشوارع داخلية معبدة تربط أحيائها مع بعضها البعض وطرق خارجية رئيسة نافذة تربطها مع المدن الأردنية حيث تخترقها ثلاث شوارع رئيسة من الجهة الجنوبية طريق الأوتوستراد ومن الوسط شارع الملك حسين (عمان الزرقاء القديم) ومن الشمال شارع الملك عبد الله الثاني (ياجوز) وكما يمر منها الخط الحديدي الحجازي الذي أنشئ منذ العهد العثماني في بداية القرن العشرين والذي كان يربط العاصمة استنبول بالديار الحجازية، وكذلك طريق تراجان الروماني.
وتتميز الرصيفة بأنها مدينة ذات نشاط اقتصادي كبير تأسست فيها دار للبلدية في عام 1964م وهي مركز لواء (متصرفية) مخدومة بمديرية شرطة ومراكز أمنية ودوائر حكومية خدمية ومحاكم صلح نظامية وشرعية ومؤسسات مجتمع مدني وأندية رياضية ساهمت برفد المنتخبات الوطنية بأفضل اللاعبين في كافة الألعاب ويوجد في الرصيفة ما يقارب خمسة الآف منشأة حرفية وصناعية وتجارية تستخدم الآلاف من العمال والفنيين المهرة وذوي الكفاءات من أصحاب الشهادات المتخصصة حيث أنها تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل للشباب الأردنيين وتسهم في الحد من البطالة بين أبناء المدينة وتشرف على أعمال ونشاطات تلك المؤسسات بموجب القوانين والأنظمة التي تخولهم ممارسة المهن أجهزة البلدية المختصة والغرفة التجارية وغرفة الصناعة، كما وأقيمت عشرات المدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال والمدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية وكليات مجتمع متوسطة، وتم إنشاء العديد من المساجد الكبيرة والحديثة التي تتميز بفنون العمارة الاسلامية بمآذنها العالية وقبابها الدائرية كما يوجد فيها مستشفيات تابعة للحكومة والقطاع الخاص ومراكز صحية شاملة تخدم كافة المناطق والأحياء.
يعتبر الإرث الحضاري في مدينة الرصيفة تراثا عالميا متميزا لعديد من الأسباب منها:
يؤرخ الطائر المكتشف في الرصيفة إلى العصر الكريستاسي أي ما يعادل سبعين مليون عام مضت؛ ويحظى باهتمام علماء العالم في مجال الآثار والجيولوجيا، والتاريخ، والمستحاثات، ونشر عنه عشرات المقالات العلمية، وأقيم له عدة معارض عالمية. وأطلق عليه اسم (ارامبورجينيا فيلادلفيا).
- عبور طريق الإيلاف القرشي الدولي عبر أراضي الرصيفة حيث ظهرت آثار هذه الطريق في محطات عديدة خاصة خربة الرصيفة (جادا).
- ظهور اسم الرصيفة على الخرائط العالمية القديمة وخاصة خريطة بوتنجر التي تؤرخ إلى القرن الرابع الميلادي وسميت فيها (جادا).
- ظهور مستحاثات ضحمة لزواحف طولها من 3-10 أمتار، مازالت تعتبر متميزة على مستوى عالمي.
- مرور طريق الملوك (تراجان) عبر الرصيفة قادماً من البحر المتوسط ومتجهاً إلى البحر الأحمر.
- انتشار المواقع الأثرية في معظم أرجاء المدينة مثل حضارة جريبا وخربة السور وخربة الرصيفة وغيرها الكثير.
منظر عام للمدينة من الجبل الشمالي
أعداد السكان في مناطق الرصيفة ومساحاتها
الرقم
|
اسم المنطقة
|
عـــــــــــدد السكان
|
المساحة الكلية/ كم2
|
1
|
العامرية
|
120000 / وأكثر
|
4.105
|
2
|
حطين
|
150000/ وأكثر
|
6.890
|
3
|
اليرموك
|
150000/ وأكثر
|
3.579
|
4
|
القادسية
|
130000/ وأكثر
|
3.890
|
5
|
الرشيد
|
120000/ وأكثر
|
6.170
|
6
|
الكرامة
|
30000/ وأكثر
|
7.052
|
7
|
اجنادين
|
50000/ وأكثر
|
5.265
|
8
|
مخيم حطين
|
100000/ وأكثر
|
0، 980 دونم
|
مجمـــــــــــــوع سكان البلديــــــــــة
|
850000/ تقريبا
|
40،00 كم2
|
الهيئات الثقافية في مدينة الرصيفة
- اتحاد المؤرخين في تراث القبائل وانسابها.
- جمعية أبناء الرصيفة الثقافية.
- صالون الرصيفة الادبي.
- منتدى الرصيفة للثقافة والفنون.
- منتدى شباب أبناء حي القادسة الثقافي.
- منتدى ياجوز الثقافي.
- نادي الرواد الثقافي.
- نادي النخبة للمكفوفين.
- نادي درع الوطن الثقافي.
- نادي شباب وشابات الرصيفة.
- جمعية النشامى الثقافية.
- جمعية الزرقاء للتراث والثقافة
البنى التحتية في الرصيفة
تضم الرصيفة العديد من المرافق والبنى التحتية وخاصة الحدائق والمتنزهات المتاحة لسكان المدينة ولسكان المناطق المجاورة بالإضافة إلى مكتبة بلدية الرصيفة وهي مكتبة غنية بشتى المراجع والكتب القيمة وتجدر الإشارة هنا إلى ان المكتبة تم إنشاؤها بالتعاون مع مؤسسة عبد الحميد شومان.
كما تضم المدينة عشرات الجمعيات الخيرية التي تعمل على إعانة بعض الأسر المحتاجة، وأكثر من ثلاثين ديوان ورابطة عشائرية. أما النوادي الثقافية والرياضية الرسمية فهي في ازدياد مستمر؛ ويتم عقد اللقاءات والندوات والمحاضرات في مبنى البلدية أو قاعة مكتبة البلدية أو في المراكز الثقافية وأحياناً في غرفة التجارة وفي مقرات الجمعيات ومسارح المدرسية وقاعات العرض المختلفة. وفيما يلي جدول يوضح أماكن تواجد المسارح المدرسية والتي بلغ عددها سبعة عشر مسرحا؛ بالإضافة إلى أماكن قاعات العرض السبعة الموجودة في المدينة.
الدوائر الحكومية في الرصيفة
اسم الدائرة
|
متصرفية لواء الرصيفة
|
مديرية شرطة لواء الرصيفة
|
بلدية الرصيفة
|
مركز أمن الرصيفة
|
مكتب أحوال وجوازات الرصيفة
|
مركز أمن حطين
|
مكتب أوقاف الرصيفة
|
مركز أمن ياجوز
|
مستشفى الأمير فيصل
|
مركز امن الرشيد
|
كلية رفيدة للتمريض
|
قسم السير
|
غرفة تجارة الرصيفة
|
مديرية التربية والتعليم
|
دفاع مدني الرصيفة
|
مديرية التنمية الاجتماعية
|
دفاع مدني النقب
|
مديرية مالية الرصيفة
|
مؤسسة أعمار الرصيفة
|
مديرية مياه الرصيفة
|
مركز التدريب المهني ياجوز
|
معهد المهن الطبية المساعدة
|
محكمة صلح الرصيفة
|
مديرية عمل الرصيفة
|
المحكمة الشرعيــة
|
مكتب الشؤون الفلسطينية (لجنة تحسين خدمات مخيم حطين)
|
محكمة صلح بلدية الرصيفة
|
|
المسارح والقاعات والمكتبات ومراكز البحث
المسارح
|
المكتبات ومراكز البحث
|
قاعات العرض
|
مسرح مدرسة الإدريسي الثانوية للبنين
|
مكتبة بلدية الرصيفة
|
قاعة كلية رفيدة الأسلمية
|
مسرح مدرسة اليرموك الثانوية للبنات
|
مكتبة الأطفال/ حي الحسين
|
قاعة غرفة تجارة الرصيفة
|
مسرح مدرسة عبد الله بن مسعود الثانوية للبنين
|
مكتبة منتدى الرصيفة للثقافة والفنون
|
قاعات بلدية الرصيفة
|
مسرح مدرسة عين غزال
|
مكتبة جمعية السيدات العاملات
|
قاعة مكتبة بلدية الرصيفة
|
مسرح مدرسة خديجة بنت خويلد الثانوية
|
مكتبة ومركز أبحاث وتطوير شركة الفوسفات
|
قاعة مدرسة الرصيفة المهنية الثانوية بنين
|
مسرح مدرسة عائشة بنت أبي بكر الأساسية
|
مكتبة ومركز بحث الأمان
|
قاعة مدرسة الرصيفة المهنية الثانوية بنات
|
مسرح مدرسة قطر الندى الثانوية
|
مكتبات ومراكز بحث جمعيات حقوق الإنسان
|
قاعة مدرسة عائشة بنت أبي بكر الأساسية
|
مسرح مدرسة جمانة بنت أبي طالب الثانوية
|
مكتبة جمعية ديار العز لحقوق الإنسان
|
قاعة مدرسة عين غزال الثانوية
|
مسرح مدرسة عاتكة بنت عبد المطلب الأساسية
|
مكتبة اتحاد المؤرخين في تراث القبائل
|
قاعة مدرسة ذات النطاقين
|
مسرح مدرسة حليمة السعدية الأساسية
|
مكتبة جمعية أبناء الرصيفة الثقافية
|
قاعة مدرسة نسيبة المازنية الثانوية
|
مسرح مدرسة تماضر بنت عمرو الثانوية
|
مكتبة كلية رفيدة الأسلمية
|
قاعة مدرسة وادي القطار الثانوية
|
مسرح مدرسة طارق بن زياد الأساسية
|
مكتبات الدوائر الرسمية والهيئات الثقافية
|
قاعة مدرسة راية بنت الحسين الثانوية للبنات
|
مسرح مدرسة صفية بنت عبد المطلب الأساسية
|
مكتبات المساجد الكبيرة 100 مكتبة
|
قاعة مدرسة القابسي الثانوية للبنين
|
مسرح مدرسة ذات النطاقين
|
60 مكتبة مدرسية
|
قاعة مدرسة أسماء بنت أبو بكر الأساسية للبنات
|
مسرح مدرسة أسماء بنت يزيد الثانوية
|
المكتبات المنزلية
|
قاعة مدرسة جابر للبنين
|
مسرح مدرسة الرصيفة المهنية الثانوية بنين
|
|
قاعة مدرسة ميمونة بنت سعد الأساسية للبنات
|
مسرح مدرسة الرصيفة المهنية الثانوية بنات
|
|
قاعة مدرسة شجرة الدر للبنات
|
مسرح مدرسة ثيودور شلنر
|
|
قاعة مدرسة ثيودور شلنر
|
مسرح كلية رفيدة الاسلمية
|
|
قاعة مدرسة تماضر بنت عمرو الثانوية
|
مدرج حديقة الفرح
|
|
قاعة مدرسة الادريسي الثانوية
|
|
|
قاعة حديقة الفرح
|
|
|
قاعة حي الحسين
|
|
|
قاعة لجنة تحسين خدمات مخيم حطين
|
|
|
قاعة مجمع النقابات المهنية
|
الاستقرار البشري والثورة الزراعية في وادي الرصيفة
لا نبالغ في القول أن وادي الرصيفة قد شهد أول ثورة زراعية في العالم القديم أطلق عليها العلماء تسمية العصر الحجري الحديث وذلك بهدف تميزها عن العصر الحجري القديم والوسيط، فالعصر الحجري الحديث الذي امتد من 8000 عام قبل الميلاد إلى 4000 قبل الميلاد شهد ظهور أولى الحضارات في العالم القديم هنا على أرض الرصيفة، عندما تمكن إنسان هذه المنطقة من إخضاع الطبيعة والإفادة منها في تطور العالم القديم وضرب مثلا للبشرية في ذلك.
ويحتضن وادي الرصيفة حضارة عين غزال التي تمتد حدودها من منطقة عين غزال وحتى خربة الرصيفة، وحديثا كان بيسانجون Besangon من أوائل الذين أشاروا إلى أهمية وادي الزرقاء ومن ضمنه الرصيفة خلال تلك الفترة، حيث قام بالمشاركة مع هورس Hors بإجراء دراسة ميدانية متخصصة بهذه الحقب وأظهرت النتائج الكثير من الأدوات الصوانية القديمة في عشرات المواقع وخاصة تلك التي ترجع إلى الحقبة الأشولية أو ما يسمى العصر الحجري القديم الأدنى، حيث ظهرت هذه المواقع بشكل كبير، كما أظهرت أعمال التجريف على أطراف وادي الزرقاء أدوات من العصر الحجري الوسيط في عدد من المواقع المجاورة لجبل رحيل، هذا بالإضافة إلى المواقع الناطوفية (فترة الصيادين) التي انتشرت بشكل واضح المعالم من خلال انتشار مكثف لأدوات الصيد الصوانية، أما مواقع العصر النحاسي فهي أيضا منتشرة حيث تمثلت هذه الحقب بعدد من القرى وخاصة على أطراف وادي الضليل ووادي الزرقاء.
ويلاحظ أن الاستيطان المبكر في منطقة وادي الزرقاء/ الرصيفة كان يعتمد بشكل أساسي على مصادر المياه دائمة الجريان وخاصة خلال العصر الحجري القديم ولعل الدراسة الأولى التي قام بها بيسانجون Besasgon وهورس Hors عام 1983-1984 تشير بوضوح إلى أهمية النتائج التي تم التوصل إليها بهذا الخصوص.
ولعل أبرز ما تم الكشف عنه في وادي الزرقاء والذي يعود لفترة العصر الحجري الحديث هو موقع خربة ودعة الذي يعتبر الأكبر في الأردن الذي يعود للحقبة اليرموكية من العصر الحجري الحديث ويمتد هذا الموقع لمسافة كيلو متر على منطقة تشبه المصطبة عريضة على الجانب الأيمن للوادي وتشرف على نقطة التقاء كل من وادي الضليل والزرقاء معاً، ويمكن مشاهدة بقايا هذه الخربة الكبرى من المقطع الذي أحدثته أعمال التجريف بجانب الطريق المعبد، حيث تظهر البقايا بشكل واضح من جانب الطريق المعبد الذي تم شقه لخدمة المزارعين والقرويين في الجزء الشمالي من وادي الزرقاء حيث كان هذا الموقع متصلا بموقع عين غزال، فأصبحت بدلك الرصيفة مسرحا لأحداث هذا العصر القديم والحديث.
كما كشف عن موقع آخر أثناء عمل مسح جبل الرحيل وأعطي الرقم 8JR وتعرض للدمار بشكل كبير نتيجة شق الطرق، حيث كشف عن أساسات حجرية وأدوات صوانية مثل السكاكين وغيرها مما يشير إلى استمرار هذه الحقبة اليرموكية في التواجد في وادي الزرقاء في أكثر من موقع.
العصر الحجري النحاسي 4500 ق م
لا يتوقع العثور على قرى كبيرة كمثل تلك التي كشف عنها في وادي الأردن. فقد كشف عن قرى ومواقع محدودة على أطراف وادي الزرقاء والرصيفة مثل موقع الحسية، وربما كان يمثل موقعاً موسمياً بحيث يستخدم خلال فصل من فصول السنة فقط، ونظراً لوجود حقب لاحقة في الموقع فمن المتوقع أن بقايا الموقع كانت أكبر من ذلك.
وعليه فمن خلال دراسة وادي الزرقاء خلال فترة عصور ما قبل التاريخ في منطقة أعالي وادي الزرقاء، والكشف عن مباني على طول امتداد هذا الوادي ترجع إلى العصر الحجري الحديث أو العصر الحجري النحاسي فإن ذلك يعتبر إضافة جديدة. وربما تكون بعض هذه المواقع قد استخدمت لأغراض الصيد والتي تعتبر من المواقع النادرة المستخدمة لأغراض الصيد مثل الموقع 124 والذي يحمل رقم سجل معلومات الآثار الأردني 2517.062، إضافة إلى المنشآت المقامة على شكل مباني دائرية الشكل، لها جدران ممتدة، إضافة إلى قبور بسيطة وهرمية الشكل والتي ربما تكون قد بدأ استخدامها خلال العصر الحجري النحاسي.
ويلاحظ عدم العثور على المقابر الصندوقية (الدولمنز)، حيث أن مثل هذه المقابر مرتبط بالمستوطنات الكبرى، علماً أنه عثر على هذه الأنصاب الحجرية إلى الشمال من وادي الزرقاء في منطقة جبل المطوق وفي خريسان، ولعل هذه المنطقة تشكل فاصلاً في استخدام هذه الأنصاب بحيث لا تستخدم في الجزء الجنوبي من جبل المطوق حيث عثر على القبور البسيطة والقبور على شكل هرمي فقط.
العصور البرونزية والعصور الحديدية 3200-1200 ق م
تم العثور على عدد من المواقع التي تعود إلى العصر البرونزي المبكر الأول وقد يعود هذا للاستيطان المحدود في منطقة وادي الزرقاء. فجميع المواقع المكتشفة التي ترجع إلى هذه الفترة، تتربع على قمم الهضاب وجميعها محاطة بجدران دفاعية، ومن هذه المواقع خربة الرصيفة، خربة جريبا، كهوف الرصيفة، خربة البتراوي جبل الرحيل، تل السخنة الشمالي وتل البيرة، وجميعها تقع بمحاذاة وادي الزرقاء.
أما بالنسبة للعصر البرونزي المتوسط، فقد وجد في موقع تل السخنة الجنوبي ولكنه مدمر جزئياً بسبب النشاطات الزراعية في الجزء الشمالي منه .
أما الموقع الآخر في هذه الفترة هو جبل الرحيل، وقد تم توثيقه للمرة الأولى من قبل جلوك في عام 1935م ولم يتم زيارته مرة أخرى حتى عام 1988م، حيث أشرف جيتانو بالمبو على أعمال التنقيب في هذا الموقع، ويقع هذا الجبل على قمة هضبة إلى الغرب من قرية السخنة، أما الفترات الرئيسية التي كشفت في هذا الموقع فهي فترة العصر البرونزي المبكر الثاني والرابع.
أما الموقع 65 قد يكون من المواقع التي سكنت في فترة العصر البرونزي، ويقع هذا الموقع على حافة جبلية، وربما يكون قد سكن لفترات طويلة أمتدت إلى فترة العصر البرونزي المبكر الثاني، واتضح هذا من خلال مقارنة البقايا الفخارية التي وجدت في المنطقة والبقايا التي وجدت في جبل الرحيل والتي تعود لنفس الفترة.
وسلسلة هذه المواقع التي ترجع إلى العصور البرونزية المبكرة لم تتوقف هنا في وادي الزرقاء، فقد امتدت باتجاه جبل القلعة في عمان وصولاً إلى نهر الأردن في منطقة وادي الأردن، حيث تنتشر المستوطنات على جانبي نهر الأردن بشكل مكثف وخاصةً على الجانب الشرقي منه.
الرصيفة ورسائل تل العمارنة (الفراعنة)
تشــير البـدايات الأولى إلى الرصيفة إلى ماورد في رسـائل تل العمارنة في مصر ؛ حيث جـاء في السـجلات الملكية التي كتبت في عهد أخناتون (1375 ــ 1358 ق.م.) ذكر احتمال هي : زارــ كي (الزرقاء) والصحيح أن الاسم هو حتيت حسب خارطة بوتنجر الرومانية .
حيث دخل أخناتون في صراع مرير وقام الكهنة بإعلان الحرب الدينية عليه، فدخل في حرب داخلية ٍأشغلته عن إدارة البلاد، فاغتنمت الأمم المجاورة هذه الفرصة وأخـذت تغير على أطراف الإمبراطورية المصرية في شرقي الأردن، وكانوا يخلفون الخـراب في كل بلد يصلون إليه وهنا أخذ أمراء البلاد يكتبون بالخط المسماري وباللغة البابلية رسائل يرسـلونها إلى ذلك الفرعون يطلبون فيها النجدة والحماية من أولئك القبائل الغازية إلا أن الفـرعون كان لا يجـد الوقت لقراءتها بل كان يهملها إلى أن ينتهي من حروبه الداخلية، فتجمعت الرسائل في ديوانه ومات دون أن يطلع عليها، فبقيت مخزونة ٌفي مكان إقامته تل العـمارنة إلى أن عثر عليها فلاح ٌ مصـري على جانب النيل الشرقي وعلى بعـد 170 ميلا ًجنوب القاهرة، وكان عددهـا 300 رسـالـة فانكب العلماء عليها للترجمة والدراسة، فوجدوا أن إحدى الرسائل المرسلة إلى الفرعون هي من أمير منطقة «زارـ قي» وفيها ما نصه: إن الأعراب رعوا زرعنا وخربوا بيوتنا ..إننا في طريق الإنقراض ..السرعة..السرعة أيها الفرعون. ولكنه لم يقرأ ولم يستجب لإنشغاله في حربه الدينية الداخلية.
أما مواقع العصر الحديدي مثل خربة الجاموس وتل البيرة، وقد اكتشفت من قبل جلوك وقد تم إضافة مواقع أخرى بعدها.
وبالنسبة إلى موقع خربة الجاموس فهو غير معروف إلى حد كبير بسبب أعمال الزراعة التي حصلت في المنطقة إضافة إلى تعرضه للتجريف الجزئي أثناء شق طريق جرش- الزرقاء. والموقع عبارة عن برج كبير محاط بجدار، ومن الراجح أن هذا المكان أيضاً قد سكن في العصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية.
استمر التطور العمراني والازدهار الحضاري للرصيفة خلال العصور البرونزية وخاصة العصور البرونزية المبكرة والمتوسطة والأخيرة وقبل حلول وبداية العصور الجديدة كانت الرصيفة ترتبط بالعديد من الحضارات الممتدة على طول امتداد الوادي من منطقة راس العين في عمان وحتى مصب نهر الأردن عبر وادي الأردن.
فازدهرت حضارة الرصيفة في خربة الرصيفة المتواجدة حاليا على الجانب الغربي من وادي الزرقاء وفي منطقة حي الهباهبة ولا زالت بقايا هذه الحضارة ماثلة بأبنيتها وعمائرها .
كما أن حضارة جريبا تعتبر من الحضارات المتميزة خلال العصور البرونزية حيث أقيمت على قمة مرتفع جبلي تحيط به السهول الزراعية والأودية فكانت حضارة تعتمد على حماية الإنجازات بإنشاء الأسوار والحصون على قمم المرتفعات المحيطة بها كذلك استغلال السهول الزراعية بشكل كبير، وتخزين الغلال في أماكن مخصصة لها والإفادة منها في سنوات القحط، كما أبدع سكان حضارة جريبا خلال العصور البرونزية بنظام جمع المياه الذي لا يوجد له شبيه في محافظة الزرقاء كلها، حيث حفر القنوات وعمل الصفايات وتحويل المياه إلى خزانات كبيرة محفورة في الصخر الكلسي فكان نظاما رائعا في من هندسة المنشآت المائية. وارتبطت هذه المستوطنات والحضارات القديمة بغيرها من القرى والمدن التي كانت تزخر بالحضارة على أطراف وادي الرصيفة والزرقاء ومنها حضارة قرية الرحيل التي أُرّخت إلى العصر البرونزي المبكر الرابع حيث أقيمت فوق مرتفع شاهد يطل على وادي السخنة في وادي الزرقاء.
كذلك الحال في حضارة البتراوي حيث أقيمت قرية ضخمة على مرتفع البتراوي قرب خزان الماء وأظهرت التنقيبات أن هذه الحضارة ترجع إلى العصور البرونزية المبكرة وكشف عن أسوار المباني عامة وخاصة ومعابد للاغراض الدينية، وكذلك الحال في موقعتلةالسخنةالشمالي والجنوبي الذي يؤرخ للعصر البرونزي المبكر والمتوسط مكان لاتصال والتواصل بين هذه القرى والمدن في واديالرصيفة ووادي الزرقاء واضحا من خلال التشابه في أسلوب العمارة والأدوات وغيرها من المخلفات التي وجدت منتشرة على أطراف مجرى الوادي،كما ازدهرت في الرصيفة حضارة موقع شلنر(حاليا مقبرة اشلنر) حيث كانت حصنا وقرية مزدهرة خلال العصور البرونزية المبكرة.
أما العصر الحديدي الثاني 900-700 قبل الميلاد فقد كان الموقع الرئيسي في هذه الفترة هو موقع تل البيرة، ويتكون هذا الموقع من جدار دفاعي بني من الحجارة الضخمة ويبلغ طول الجزء الظاهر منه حوالي 2.5م، وقد لعب موقع تل البيرة دوراً مهماً في السيطرة على الطريق الذي يربط بين وادي الزرقاء والجهة الشرقية من المملكة العمونية.
العصور الهيلنستية
إن الفترة الهيلنستية تمثل إشكالاً في التعرف على حقيقة الكسر الفخارية التي وجدت في طبقات التراكم الحضاري في منطقة وادي الزرقاء، ومع نهاية الفترة الهلنستية وبداية الفترة الرومانية وظهور التأثيرات الرومانية، ومع وظهور النوع المسمى (فخار ترسجلاتا) تغير الوضع، وبدأ انتشار مخلفات هذا العصر مقرونة بظهور هذا النوع من الفخار.
الرصيفة في بدايات الميلاد
خيـم السـلام على شرقي الأردن حتى عـام 103 ق.م. إلى أن جاء إسكندر جانوس فهاجم جدارا (أم قيس) ثم سار إلى شمالي نهر الزرقاء واستــولى على جراسا (جرش) في حرب دامت بين 84 و81 ق.م. كما تشـير المصادر أن شـرقي الأردن قسمت في سنة 4 ق.م.إلى عــدة ولايات أثنـاء فترة النفوذ الروماني وأصبحت تخضع لثلاث سلطات هي:
- الديكابولس في الشمال.
- مملكة الأنباط المستقلة في الجنوب.
- بيريا وهي المنطقــة الممتــدة من مصب نهر الزرقـاء إلى مكاور في المنطقة الوسـطى من البلاد (باستثناء منطقة عمان)؛ وقد كانت بيريا خاضعة لسلطة أجرُبا إلى أن مات عام 100 بعد الميلاد فتم بعد ذلك إلحاقها بسوريا.
العصور الكلاسيكية
استمرت الرصيفة تقوم بدورها الحضاري خلال العصر البيزنطي وأصبحت محط أنظار الرومان وخاصة مهندسي العمارة، ونظرا لما تتمتع به المدينة خاصة المناطق الشرقية من صخور كلسية متميزة فقد استهدفها المهندسين وأقاموا فيها كبرى المقالع والمحاجر خلال العصر الروماني حيث أظهرت الاكتشافات الأثرية موقع قرية خربة السور، وكذلك المحاجر السفلية في وادي العيش حيث ما زالت بقايا الأعمدة والأفاريز والقطع المزخرفة في مكانها بعد توقف المحجر لاحقا، وليس القديمة في وادي العش الأمر الذي يشير إلى أهمية وجود الصخور والتراكيب الجيولوجية في الرصيفة عبر العصور.
اتخذ الرومان قديماً من مدينة الرصيفة والتي كانت مأهولة بالسكان في ذلك الوقت محطة على الطريق الرومانية المسماة طريق "تراجان" والتي تصل ما بين البتراء وخليج العقبة ومدينة بصرى الشام. وقد أظهرت الدراسات والتنقيبات الأثرية في المدينة وجود عدة مواقع أثرية منها موقع خربة الرصيفة ورجم المخيزن وجريبا ومنطقة النقب وتل أبو صياح إضافة إلى مجموعة من الكهوف التي ترجع إلى العصور القديمة.
ويعتبر موقع خربة الرصيفة (الواقع على تلة صغيرة تقع خلف إحدى العمارات السكنية في منطقة حي الرشيد بقرب ما يسمى (مثلث الهباهبة) من أهم المواقع الأثرية الموجودة في المدينة حيث أظهرت التنقيبات الأثرية في الموقع وجود آثار استيطان بشري في هذه المنطقة يمتد منذ العصر البرونزي "3200– 1200 ق.م " وحتى أواخر الفترة الأموية، وكان عدد من علماء الآثار قد زاروا الموقع ووصفوه في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ومن أهمهم " بيركهارت " عام (1812) و "كونودور" عام ( 1889) و"غلوك" عام (1939) إضافة إلى العالم "اوليفانت" حيث تحدث عن الموقع في كتابه "أرض جلعاد" واصفا بقايا القلعة الموجودة فيها والتي يعتقد أن آل جفنة "الغساسنة" هم من قاموا ببنائها، حيث كان هذا الموقع ذا شأن كبير في الفترات التاريخية المختلفة عبر آلاف السنين.
وقد تعرض هذا الموقع الأثري إلى عمليات تحات واسعة وخاصة نتيجة العوامل الطبيعية أتت على معظم أجزاءه حيث لم يتبقى من مساحة هذا الموقع والبالغة 80 دونما سوى 3 دونمات وذلك نتيجة أعمال التجريف والامتداد العمراني الجائر بسبب النمو السكاني الكبير في المدينة، إضافة إلى أنها كانت تتميز بوجود المياه والبساتين الوافرة في منتصف القرن الماضي إضافة إلى وقوع المدينة مباشرة على شبكة من الطرق الرئيسية ومن أهمها طريق ياجوز وسكة حديد الحجاز.
الفترات الإسلامية
كشفت دراسة عن عدد من المواقع التي ترجع إلى الفترة الإسلامية وهي أقل من تلك التي تعود للفترة البيزنطية.
أما الفترة العباسية فقد كان هناك نقص في الحصول على كسر فخارية لأغراض التأريخ، حيث أنه كان هناك تشابه بين الأدوات الفخارية بين فترة العصر الأموي المتأخر والعصر العباسي المبكر، حيث سجل هذا في دراسة حديثة لفخار العصر الإسلامي من الحفرية التي جرت في المنطقة الجنوبية والمنطقة الوسطى من الأردن، ولهذا السبب لم يتم التأكد من مساحة المستوطنات في الفترة العباسية في وادي الزرقاء.
كما ويلاحظ أيضاً وجود تشابه بين الأدوات الفخارية في كل من العصر الأيوبي/ المملوكي والعصر العثماني في وادي الزرقاء.
إن أهم موقع يرجع للفترة الإسلامية هو موقع خربة مكحول، وتتميز هذه الخربة بمبانيها الكاملة وغير المهدمة، وتقع هذه الخربة على تل يطل على بلدة السخنة، وتتكون من مباني مشاهدة بشكل واضح من مسافة بعيدة، وتحتوي على صفين من البيوت ذات الغرفة الواحدة وكل غرفة مقابل الأخرى، مرتبة بشكل بيضاوي وكل غرفة تحتوي على مدخل أو باب يؤدي إلى الساحة المجاورة للبيت، والجدران الخارجية للغرف تتميز باختلاف أشكالها وأبعادها، وإلى الشرق من الساحة الرئيسية يوجد صف آخر من الغرف، وفي وسط الساحة الرئيسية يوجد شكل L مقسم إلى خمسة غرف، وفي نفس الساحة يوجد خزان ماء لتلبية متطلبات الموقع من المياه.
أما الموقع الآخر والذي يرجع إلى الفترة الإسلامية فهو موقع خربة أبو الزيغان، حيث سكن هذا الموقع في فترة أبكر من فترة خربة مكحول، حيث سكنت من فترة العصر الحديدي إلى فترة العصر العثماني.
المواقع التراثية في الرصيفة
- سكة الحديد (الخط الحديدي الحجازي) بدأ العمل في أنشائها عام 1909.
- جسر الرصيفة بني في عهد الانتداب البريطاني عام 1930.
- منجم الفوسفات بدأ العمل به المنجم عام 1935.
- مبنى مدرسة ثيودور شلنر عام 1959.
- مسجد الرصيفة القديم (الشركس) بني عام 1909.
- كنيسة دير اللاتين بنيت عام 1967.
- مبنى مدرسة الرصيفة سابقا 1956.
- مبنى المجلس القروي القديم 1957.
- مواقع الشركات القديمة (شركة الفوسفات – شركة الإنتاج – شركة الأجواخ – شركة الألبان – مصنع السبيرتو)
الحراك الثقافي في الرصيفة
وكما هي العادة في المدن الأردنية الأخرى، فقد تسابق رواة القصص والحكايات الشعبية، والشعراء الشعبيون، في تكريس أنفسهم، وفي تقديم أعمالهم الإبداعية غير الفصيحة، معبرين بكلماتهم التي كانت مصحوبة بعزف على الربابة عن وقع الوجود على وجدانهم، مؤسسين بذلك لحركة فولكلورية تلقائية، كان رائدها الشاعر الشعبي محمد بن غدير الخلايلة.
لقد ساهم نهر الزرقاء "قبل أن يتحوّل إلى سيل" في جذب الكثيرين من المبدعين إليه، والذين كان يتقدمهم الروائي عبد الرحمن منيف، الذي أبدع كتابه عن عمان "سيرة مدينة" وتحدث فيه عن الرصيفة ونهرها.
كان مبدعو الرصيفة، من أبرز المشاركين في تأجيج الحياة الثقافية في محافظة الزرقاء، ومن أبرز الحضور في الأندية التي تأسست في فيها في وقت مبكر من القرن الماضي، والتي كانت لها بعض الأنشطة الثقافية إلى جانب تخصصها الرئيس:الرياضة، ومنها النادي القوقازي الذي تأسس عام 1944، هذا إلى جانب: نادي السلام الذي تأسس عام 1945، نادي الشبيبة المسيحي، نادي اللاتين، نادي الكاثوليك، نادي الوحدة، نادي العودة، والنادي العباسي.
وكان لتأسيس الجامعة الأردنية عام 1962، الدور الكبير في تخريج الكفاءات الإبداعية التي أنعشت الحياة الثقافية في المملكة بعامة، وفي الرصيفة بخاصة، كما كان لتأسيس شركة مصفاة البترول الأردنية، وشركة مناجم الفوسفات الأردنية، وشركة الإنتاج "مدينة الحسين الصناعية"، وغيرها من الشركات التي أحالت الزرقاء عامة، والرصيفة خاصة، إلى عاصمة اقتصادية للمملكة.
وكانت بين هؤلاء السكان أعداد كبيرة من المبدعين، الذين تنادوا في عام 1974، إلى تأسيس أهم مؤسستين ثقافيتين في المملكة في تلك الحقبة، وهما رابطة الكتاب الأردنيين في عمان، ونادي أسرة القلم الثقافي في الزرقاء، وسرعان ما جمع النادي شمل مبدعي المحافظة، وفي طليعتهم أدباء الرصيفة وأتاح لهم أجواء ثقافية منعشة، كما كان للنادي دوره في تفعيل الحياة الفنية في اللواء، لا سيما وأن رئيسه في إحدى حقبه الانتخابية أ. قيس البياري ابن الرصيفة.
وقد واكب ظهور رابطة الكتاب ونادي أسرة القلم، تلك اللقاءات التي كانت تجمع نخبة من أبرز مبدعي المحافظة، في صالون القاص عدنان علي خالد في شارع بغداد في الزرقاء، منذ مطلع السبعينيات، وممن كانوا يترددون عليه من الرصيفة: عبد الله رضوان، محمد القيسي، محمود أبو عواد، ووازى ذلك الدور الذي لعبته بلدية الرصيفة ومكتبتها العامة في استضافة بعض الأنشطة الثقافية، وإتاحة الفرصة لمبدعي المملكة بعامة للتحدث من خلال بعض الندوات التي كانت تعقدها، إلى جانب ظهور بعض الصالونات الأدبية في المنازل.
وقد لعبت المقاهي دورا في وقت مبكر في تحقيق لقاءات ونقاشات بين مبدعي الرصيفة، كما كان للمطابع في دور تعزيز حركة النشر فيها، هذا عدا عن دور بعض الجمعيات الاجتماعية في تحقيق التفاعل الأدبي، وكذلك المؤسسات الشبابية، وأيضا المؤسسات التربوية التي حققت التواصل بين مبدعي الرصيفة والطلبة، وبتأسيس الجامعة الهاشمية وجامعة الزرقاء الخاصة، حدث تكامل في دورها الثقافي والعلمي مع الدور الذي كانت تقوم به كليات المجتمع الخاصة والعامة في اللواء.
لقد شهدت السنوات الأخيرة، عددا من الصالونات والمنتديات والأندية والجمعيات والمؤسسات الثقافية في الرصيفة، ولكل واحدة منها هيئتها الإدارية والعامة، ولها من الأعضاء والأصدقاء والأنصار من الكـُتـّاب والمبدعين، وبعضها له أكثر من رئيس فخري، وأكثر من داعم اقتصادي، ولها أنشطتها الثقافية والوطنية على مستوى المملكة، الأمر الذي يجعل مهمة الراصد لأنشطتها صعبة جدا، فكل واحدة منها تحتاج إلى كتاب مستقل، ورغم كثرتها وأهميتها، إلا أن الكتابة عنها تشبه الكتابة على الرمال المتحركة، فهي كثيرة التنافس، ومن رحمها تتوالد مؤسسات أخرى، تـُوضح للمطالع أن هذه المدينة التي حقـّقت التعايش بين القوميات، قادرة على تحقيق التنوّع والتعدد في إطار الوحدة بين العاملين في الوسطين الثقافي والفني في اللواء.
وأيضا لا يمكننا أن ننسى دور أول فرقة فنية تشكلت في الرصيفة عام 1977م وهي "فرقة بلدنا"، والتي تألفت آنذاك من الفنانين الشقيقين كمال أبو زغيب ووضاح زقطان، والشاعر إبراهيم نصر الله.
وكان لتأسيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين في الزرقاء بتاريخ 25/12/1984 الدور الأكبر في إحداث نشاط ثقافي في المحافظة عامة والرصيفة خاصة.
كما كان للديمقراطية وما أنجبته من مؤسسات المجتمع المدني التي عمل معظمها في مجال الثقافة بعد عام 1989 الدور الأكبر في تفعيل الكثير من الشخصيات التنويرية في لواء الرصيفة على الصعيدين الفكري والسياسي، هذا بالإضافة للدور التنويري لفرع مجمع النقابات المهنية في اللواء، وتعتبر نقابة المعلمين رافدا مهما للجانب الثقافي الذي توليه النقابات اهتمامها.
ولا يمكن لأي مستعرض للحياة الثقافية في محافظة الزرقاء أن يتجاوز 562 فعالية أقيمت عندما كانت الزرقاء مدينة الثقافة عام 2010 (بمشاركة مئات المؤسسات والأفراد من أرجاء المملكة كافة، والرصيفة خاصة)، وكانت بلدية الرصيفة قيادية على هذا الصعيد، وقد أقيمت بعض فعالياتها في غرفة تجارة الرصيفة، وفي القرية العالمية، بإشراف أ. محمود عبد الحليم الصالح، والشاعر عدنان عصفور، وبحضور نخبة النخبة من مبدعي ورياضيي ونقابيي اللواء الذين يصعب رصد أسمائهم لكثرتهم، والذين شارك بعضهم في التأريخ للرصيفة ولنشاطها الوطني والثقافي ولا سيما الأساتذة: عصام الغزاوي، وبسام الشروف، عبد الكريم الملاح، أحمد أبوخوصة.
لقد تداخلت الحياة الثقافية في الرصيفة، مع الحياة الثقافية في المملكة بعامة، ومعها في الزرقاء ومخيم حطين، وإن كانت بعض الأسماء المذكورة قد رحلت من الرصيفة إلى مدن أخرى، وبعضها الآخر قد انتقل إلى رحمته تعإلى، فلا بد من ذكر دور المرحوم يوسف أبو حميد الضراغمة تفعيل النشاط الثقافي والوطني في اللواء، وأيضا دور من اضطروا للاغتراب عن اللواء بعد أن حققوا فيه وفي غيره من المدن نشاطا ثقافيا وفنيا ملموسا وفي طليعتهم الفنان والمؤرخ التشكيلي أحمد ابوعيشة الرئيس السابق لجمعية الفن التشكيلي في الزرقاء، والتي انتخب ابن الرصيفة عمر قاسم اسعد أمين سر لها فيما بعد.
ونذكر هنا الشاب هاني الريماوي، ودوره في تأسيس فرقة شبابية غير مسجلة رسميا تضم عددا من مطربي اللواء الذين شاركوا في مسابقات فنية عبر قناة رؤيا "معتز الفحماوي ، ومحمود الحلمان مثلا"، بالإضافة إلى مؤسسي فرقة " فن الراب" وغيرهم.
وتألق في هذه الهيئات أيضا عدد من الفرق الفنية من مثل: فرقة وخزة للفنون الأدائية والمسرحية بقيادة الفنان عبد الحكيم العجاوي، وفرقة شمس الوطن بقيادة الفنان عماد عبيد، وفرقة بلدنا بقيادة الفنان كمال خليل أبو زغيب، وعدد من فناني اللواء وخارجه نذكر بعضهم أيضا حسب الأحرف الهجائية: أحمد العندليب، أنور الياموني، بيهس الفحماوي، ضرغام الجلماوي، ماجدالقفيني، صائب القاضي، علاء شاهر، عماد عبيد، محمد العربي، ناصر ابو توبة، ناصر ناصر، يزن ابو سليم، وغيرهم.
وفي الرصيفة، أقيمت المعارض التشكيلية، والمعارض التراثية، ومعارض الثياب والأزياء، والأعراس الشعبية، والمسابقات الثقافية، وحفلات تكريم المبدعين، التي شارك في إقامتها نخبة من فناني الرصيفة ومبدعيها، وفي الرصيفة أيضا مرشحون مثقفون للمجلس البلدي والنيابي والمركزي يحتاج ذكر أسمائهم وحده لمساحة لا تتسع لها هذه المقالة، عدا عن الإعلاميين الذين تصدروا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وعدا عن نشطاء الفيسبوك الذين يشكلون عددا لا يُستهان به من المثقفين والمعلقين على مجريات الأمور في المحافظة وخارجها.
وتتميز مدينة الرصيفة بأنها ذات نشاط اقتصادي كبير تأسست فيها دار للبلدية في عام 1964م وهي مركز لواء (متصرفية) مخدومة بمديرية شرطة ومراكز امنية ودوائر حكومية خدمية ومحاكم نظامية وشرعية ومؤسسات مجتمع مدني. ويوجد فيها ما يقارب خمسة الآف منشأة حرفية وصناعية وتجارية تستخدم الآف العمال والفنيين المهرة ومن ذوي الكفاءات من أصحاب الشهادات المختصة، حيث انها تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل للشباب، وتسهم في الحد من البطالة بين أبناء المدينة، وتشرف على هذه الأعمال والنشاطات تلك المؤسسات أجهزة البلدية بموجب القوانين والأنظمة التي تخولهم بممارسة المهن وأيضاً الغرفة التجارية وغرفة الصناعة.
وأقيمت في الرصيفة عشرات المدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال والمدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية وكليات مجتمع متوسطة، وتم إنشاء العديد من المساجد الكبيرة والحديثة التي تتميز بفنون العمارة الإسلامية بمآذنها العالية وقبابها الدائرية، كما توجد فيها مستشفيات تابعة للحكومة والقطاع الخاص ومراكز صحية شاملة تخدم كافة المناطق والأحياء، وقد أقيم حديثاً في مدينة الرصيفة أطول جسر في المملكة يربط المدينة بين منطقة شارع الملك عبدالله الثاني ياجوز سابقاً ومنطقة اتوستراد عمان – الزرقاء، وقد أصبح مجمع الكرامة في منطقة ياجوز من معالم مدينة الرصيفة وأيضا دار البلدية التي أصبحت معلماً ببنائها الشامخ الحديث ومكتبتها العامة التي تشمل على كتب قيّمة.
اهتمام الملك المؤسس عبدالله الأول بالبحث العلمي واكتشاف الطائر العملاق في الرصيفة
حظيت الرصيفة باهتمام الهاشميين الذين زاروها أمراء وملوك عدة مرات خلال فصول السنة المختلفة، حيث كانت المدينة منذ نشأتها وتطورها في زمن الهاشميين تزهو بحدائقها وبساتينها، والماء المتدفق عبرها من خلال النهر والينابيع العذبه والساخنة، ويؤكد المؤرخون والباحثون أنه منذ تأسيس المملكة والهاشميون لا ينقطعون عن زيارة مدينة الرصيفة، ولا زالت أرشيفات الصور والتقارير الصحفية والوثائق العلمية المنتشرة في أكثر من مكان في المملكة توضح ذلك الترابط بين الهاشميين والرصيفة، وكان الملك عبدالله الأول/ رحمه الله قد اتخذها متنفسا له يرتادها بين الفترة والأخرى ويلتقي فيها بالأدباء والمفكرين والعلماء والأهالي، ويستمع لأهلها ويقدم لهم العون ويسهر على راحتهم ويلبي مطالبهم، وزارها الأمراء بلا انقطاع منذ نشأة المملكه وليومنا هذا، وأقام فيها الأشراف اصطبلات للخيل لتربية الخيول العربية الأصيلة ومنهم الشريف ناصر بن جميل/ رحمه الله، وعندما اكتُشف الطائر العملاق توجه الأمير عبدالله في حينه/ الملك عبدالله الأول إلى مناجم الفوسفات التي زارها مرارا وتكرارا واطلع على الاكتشاف وطلب الاهتمام به وتوفير العلماء والخبراء لدراسته وتوثيقه والحفاظ عليه، فكان له الدور الأكبر في ظهور خبر هذا الطائر إلى حيز الوجود، وأفسح المجال للعلماء والخبراء للبدء بالدراسات والبحث العلمي لتظهر حقيقة علمية أبهرت علماء العالم ولا زالت حتى يومنا هذا تتداولها الكتب والمصادر والمراجع والمدونات إنها حقيقة اكتشاف أضخم طائر زاحف في العالم على أرض المملكة الأردنية الهاشمية المباركة. وبالتحديد في الرصيفة الجبل الجنوبي حيث كان منجم الفوسفات.
جلالة الملك الحسين بن طلال/ رحمه الله في زيارة لمكاتب الفوسفات حيث يستمع إلى شرح من السيد أمين قعوار
جلالة المغفور له باذن الله الملك الحسين بن طلال أثناء زيارته لأحد مناجم الفوسفات في الرصيفة
جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على نهج أجداده في زيارة لمدينة الرصيفة ويحيي أهالي المدينة الذين احتشدوا لاستقباله أثناء زيارته عام 2012
(شكل الطائر العملاق المكتشف في الرصيفة بأوضاع مختلفة من ثلاث جهات مع مقياس الرسم الذي يوضح ضخامته)
صدى اكتشاف الطائر العملاق محليا وعالميا
نشرت العديد من الصحف العالمية أخبار اكتشاف عظام الطائر الضخم في مناجم الرصيفة بدءاً من العام 1942 ومنها صحيفة التايمز (Times) اللندنيه في 9 أيار 1996 وكذلك مقال جريدة الأخبار الذي نشرته (The news) بتاريخ 7-تشرين الاول –
عام 1996، إضافة لصحيفة ليوناتيدبرس الدولية (press internationalUnited).
كما نشرت صحيفة الرأي بتاريخ 12/5/1981 تقريرا حول اكتشاف الفوسفات الذي أدى بدوره إلى اكتشاف عظام الطائر العملاق وتم إرفاق صور الزيارات الملكيه للمناجم في الرصيفة وأُرفق بأقوال وتصريحات للمسؤولين في حينه.
وجاء في مقال آخر منشور على "الشبكة العنكبوتية" بتاريخ 19/3/2002 بعنوان "الأردن تتسلم عظمة لأكبر الطيور بعد ترميمها":
استعادت الجامعة الأردنية عظمة رقبة أضخم الزواحف الطائرة العملاقة في العالم بعد أن تم ترميمه في متحف التاريخ الطبيعي في كارلسروه بألمانيا بالتعاون مع باحثين من جامعة بورتسماوث في جنوب بريطانيا وتم وضع رقبة الطائر في المتحف الجيولوجي في الجامعة .وكان أول من اكتشف عظمة رقبة الطائر أحد عمال شركة الفوسفات الأردنية عام 1943 أثناء عملية التعدين في طبقات فوسفات الرصيفة التي تتبع صخور عمرها 65 مليون سنة. وقام العالم الفرنسي ارام بورغ بدراسة عظمة الطائر في باريس ونشر بحثا علميا حول هذا الموضوع عام 1959 وسمي هذا الطائر الزاحف ارام بورغينا فيلادلفيا. وقال الدكتور هاني خوري أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الأردنية أن طول العظمة المكتشفة يبلغ 620 ملم ويعتقد بأن طول الرقبة يتراوح ما بين 2.5 إلى 3 أمتار وربما أطول حيث أن هذا الطول يؤثر على طريقة طيران وتغذية الطائر. وأوضح أن هذا الطائر الزاحف الذي اكتشفت عظمة رقبته في منطقة الرصيفة يعتبر من أضخم الزواحف في العالم وهو أضخم من نظيره المكتشف في تكساس بأمريكيا الشمالية. ويعتقد بان فتحة جناحيه تصل إلى 12 مترا ويبلغ طول الجمجمة حوالي متر والرقبة مترين وبالتالي يصل حجمه إلى حجم طائرة صغيرة.
وأوضح أن وجود المجسم الكامل وعظمة الرقبة الأصلية لأكبر الزواحف الطائرة المكتشفة في العالم تعتبر من الإنجازات الهامة وخاصة لعلماء الحفريات الفقارية وهذا يشير إلى أهمية كون الأردن متحفا جيولوجيا غنيا بثرواته الطبيعية التي تحتاج إلى من يكتشفها ويدرسها.
المرجع: ملف ترشيح لواء الرصيفة