الدراما الأردنية
يعتبر فيلم (صراع في جرش) الذي تم إنجازه عام 1958 أول خطوة فعلية على طريق تأسيس صناعة سينمائية في الأردن، وكان الفيلم حصيلة جهود شخصية لمجموعة من الشباب الأردنيين الطامحين لعمل أفلام سينمائية على غرار الأفلام المصرية والسورية. حيث تم إنجاز المعدات اللازمة للتصوير والمونتاج محلياً، ووضع قصة الفيلم والسيناريو فخري أباظة وسمير مطاوع، وأخرجه واصف الشيخ ياسين وقام بالتمثيل فيه بالإضافة للمخرج كل من: فائق القبطي، وغازي هواش، وعلي أبو سمره، وأحمد القري، وصبحي النجار، وآخرين، وكان الفيلم يعاني من بعض المشكلات الفنية بسبب ظروف إنتاجه والمعدات المستخدمة، ونقص الخبرات لدى فريق العمل.
وجاءت المحاولة الثانية عام 1964 مع مجموعة أخرى ضمت بعض العاملين في الفيلم الأول، مع الفيلم الروائي الثاني (وطني حبيبي) الذي كتب قصته وقام بإخراجه عبد الله كعوش، وقام بالتمثيل فيه: علي هليل، ومحمود كعوش، وفائق القبطي، وعبد الفتاح جبارة، وغازي هواش، ووليد الكردي، وفيصل حلمي، وجورج نصراوي، وناديا فؤاد، وجهينة إبراهيم، وعرفان ادلبي وغيرهم، وهو يتحدث عن بطولات الجيش العربي في مواجهة القوات الإسرائيلية ضمن قصة حب ميلودرامية.
وجاءت المحاولة الثانية عام 1964 مع مجموعة أخرى ضمت بعض العاملين في الفيلم الأول، مع الفيلم الروائي الثاني (وطني حبيبي) الذي كتب قصته وقام بإخراجه عبد الله كعوش، وقام بالتمثيل فيه: علي هليل، ومحمود كعوش، وفائق القبطي، وعبد الفتاح جبارة، وغازي هواش، ووليد الكردي، وفيصل حلمي، وجورج نصراوي، وناديا فؤاد، وجهينة إبراهيم، وعرفان ادلبي وغيرهم، وهو يتحدث عن بطولات الجيش العربي في مواجهة القوات الإسرائيلية ضمن قصة حب ميلودرامية.
ولم تتوقف المحاولات لإنتاج فيلم أردني روائي رغم الصعوبات الفنية، ونقص الكوادر الفنية المؤهلة، والمعدات المتطورة، والتمويل اللازم. وشهدت فترة منتصف الستينيات عمليات إنتاج أفلام مشتركة مع جهات خارجية لتعويض النقص في الخبرات والإمكانات الأردنية، حيث عمل غازي هواش على إنتاج فيلم مشترك أردني- تركي، كما حقق المخرج المصري فاروق عجرمة فيلم (عاصفة على البتراء) كإنتاج أردني لبناني إيطالي مشترك تم فيه استغلال المناطق الأثرية كخلفية للفيلم، وشارك فيه من الأردن عدد من الممثلين منهم: عدنان البياري، وأحمد القري وغيرهم، واشتمل على بعض الأغاني الأردنية التي لحنها جميل العاص.
وجاءت أول مساهمة رسمية في سبيل خلق سينما أردنية عام 1965 بتأسيس دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الإعلام، حيث بدأ عملها بإنتاج الجريدة السينمائية الناطقة، واستطاعت إنجاز أكثر من أربعين عدداً مصوراً. ومع ظهور التلفزيون الأردني تم إلحاق دائرة السينما به عام 1969، واستمر عملها في إنتاج الجريدة السينمائية، وكذلك في تحقيق عدد من الأفلام التسجيلية، خاصة بعد وقوع حرب حزيران عام 1967 وما خلفته من نكسة واحتلال للضفة الغربية.
وقد ظهرت من هذه الأفلام التسجيلية أفلام (هجرة عام 1967) الذي شارك في مهرجان طشقند، وفيلم (عام بعد النكسة)، وفيلم (مصانع الرجال)، وفيلم (قيام إسرائيل غير قانوني)، وفيلم (زهرة المدائن)، وعدد من الأفلام ذات الصبغة السياحية. وقد أتاح ظهور التلفزيون وربط الدائرة به فرصة عرض هذه الأفلام على الشاشة الصغيرة.
كما شهدت نهاية الستينيات تحقيق المخرج عبد الوهاب الهندي فيلمين روائيين: الأول بعنوان (الطريق إلى القدس)، والثاني بعنوان (كفاح حتى التحرير) شارك فيهما عادل عفانه، وسهام مناع، وغسان مطر.
وكان لقدوم بعض المخرجين الأردنيين الدارسين في الخارج والتحاقهم بالتلفزيون الأردني دور في إعادة الحماس لإنتاج أفلام سينمائية أردنية، حيث حقق المخرج جلال طعمه أول عمل درامي طويل بعنوان (وعد بلفور) الذي كتب قصته والسيناريو أحمد العناني وذلك عام 1970. ثم حقق فيلمه الروائي الثاني بعنوان (الأفعى) الذي شارك فيه الأردن في مهرجان دمشق السينمائي للشباب عام 1972.
ثم حقق بعده فيلمه التسجيلي القصير بعنوان (الغصن الأخضر) الذي حاز على جائزة مهرجان أوبرهاوزن، وكان فيلمه الروائي الثالث والأخير بعنوان (الابن الثاني عشر)، وهو فيلم ذو صبغة كوميدية.
أما المخرج السينمائي الثاني الدارس في الخارج الذي حقق عملاً سينمائياً في تلك الفترة فكان محمد عزيزية الذي حقق فيلمه الروائي الطويل (الشحاذ) عام 1972.
في تلك الفترة من بداية السبعينات ومع صعود نجم المسلسلات التلفزيونية وتحول معظم المخرجين والممثلين للعمل التلفزيوني اختفت المحاولات لعمل أفلام سينمائية ما يقارب خمسة عشر عاما، ثم بدأت بالظهور ثانية على يد بعض المخرجين الدارسين لفن السينما القادمين من الخارج في الثمانينات، فقد حقق المخرج الشاب محمد علوه عام 1986 فيلما روائيا قصيرا بعنوان (الحذاء) مأخوذا عن قصة بنفس الاسم للقاص محمد طمليه، وشارك فيه في أكثر من مهرجان عربي ودولي.
وشهدت بداية التسعينات عودة عدد من المخرجين السينمائيين الدارسين في الخارج وهم يحملون معهم أفلاما حققوها أثناء دراستهم، منهم فيصل الزعبي الذي عاد من الاتحاد السوفيتي سابقا بفيلمين قصيرين: الأول بعنوان (ليس كذلك تماما)، والثاني بعنوان (الحرباء) عن قصة لتشيخوف.
أما المخرج إيهاب الخطيب فقد حقق أثناء دراسته في القاهرة فيلما روائيا قصيرا بعنوان (أوراق البحر) عام 1991، وفي ذلك العام أنجز المخرج نجدت أنزور فيلم (حكاية شرقية) عن قصة للكاتب السوري هاني الراهب لعب بطولته جميل عواد ومحمد القباني وجولييت عواد.
وفي عام 1994، تعاونت رابطة الفنانين مع المخرج الشاب نبيل الشوملي والمخرج عبد الحكيم أبو جليلة الدارس في إيطاليا على إنتاج ثلاثة أفلام قصيرة حققها المخرجان سويا هي فيلم (الثوب) عن قصة جواهر رفايعه، وفيلم (الاكتشاف) عن قصة لمحمد طمليه، وفيلم (صباح الخير) عن فكرة للمخرج الشوملي نفسه.
إن الحلم بخلق سينما أردنية لم يفارق الكثير من الفنانين وخاصة أولئك الشباب الذين توزعوا على معاهد التمثيل والإخراج السينمائي في عواصم العالم، والذين حقق بعضهم أفلاما قصيرة أثناء دراساتهم سواء عن طريق كاميرا الفيديو، أو الكاميرا السينمائية، وبعض هذه الأفلام التي تعتبر من متطلبات الدراسة قد تميزت بمستواها المتقدم، كذلك لم تتوقف المحاولات لتحقيق أفلام سينمائية أردنية، لكن معظم هذه المحاولات ظلت ضمن نطاق الأفلام القصيرة أو الأفلام التسجيلية، ويمكن هنا ذكر بعض هؤلاء المخرجين وأفلامهم:
المخرج هيثم التميمي أنجز عدة أفلام قصيرة أثناء دراسته في القاهرة منها (أحاديث حول الصمت) الذي شارك فيه في عدة مهرجانات عربية وعالمية، وفيلم (الرهان) وفيلم (أفيش) وفيلم (كل النساء) و (طير بينا يا قلبي) وفيلم (فخ) وهي أفلام تتراوح مدتها بين 7 -5 دقائق.
المخرج سيف الصمادي، حقق أثناء دراسته في القاهرة عدة أفلام روائية وتسجيلية قصيرة تتراوح أطوالها بين 5 -10 دقائق منها فيلم (عروس الشمال) (السلسال) (الوجه الآخر) (القميص المسروق) (وحتى إشعار آخر).
المخرج معتز جانخوت، حقق عدة أفلام قصيرة كان من أبرزها فيلميه التسجيليين (رسالة من سارة) و(طفولتي والحجر) اللذين أخرجهما لحساب مؤسسة فنية خاصة، وقد شارك فيهما ممثلا عن الأردن في مهرجان الفيلم القصير المتوسطي الأول في طنجه بالمغرب كما حقق فيلم (سيرة قرية) الذي يوثق جماليات البيوت القديمة في بلدة الفحيص، بالإضافة لبعض الأفلام القصيرة الأخرى.
المخرجة سوسن دروزة، حققت العديد من الأفلام التسجيلية والوثائقية من خلال عملها مع شركة الرواد حيث أنجزت عدة حلقات من سلسلة (هؤلاء والآخرون) كما أنجزت فيلمها التسجيلي (الحب أصعب، الحرب أسهل) الذي يحكي عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين بأسلوب جديد.
المخرج أشرف حمادة، حقق فيلما روائيا قصيرا مميزا بعنوان (القتيل) مأخوذاً عن قصة للأديب خليل قنديل أثبت فيه قدراته كمخرج متمكن من التعامل مع أدواته الفنية، وتوظيف عناصر السينما مجتمعة لخدمة عمله الدرامي.
المخرج محمود مساد، حقق واحدا من أفضل الأفلام التسجيلية وهو فيلم (الشاطر حسن) الذي حصل على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان نوتردام للأفلام العربية، وجائزة النقاد في مهرجان الإسماعيلية للأفلام القصيرة، وقد أنجزه في هولندا حيث يقيم، ويقدم فيه معاناة مهاجر عربي يعيش في هولندا، كما حقق قبل هذا الفيلم مجموعة مميزة من الأفلام التسجيلية القصيرة في هولندا منها فيلم (عالم المرأة العربية) وفيلم (طاقات بشرية طبيعية) وفيلم (المبنى ب) وفيلم (موميك الخامس) وفيلم (تقاليد).
المخرجة ربى عطية، حققت فيلما تسجيليا قصيرا مميزا بعنوان (1948 ذكريات فلسطينية) تسجل فيه ذاكرة نكبة عام 1948 على لسان شخصيات فلسطينية في الشتات، وقد تم عرضه في عمان وفي لندن.
المخرج إياد الداوود، حقق عدة أفلام تسجيلية مميزة منها فيلمه (مآذن في وجه الدمار، شاهد عيان) الذي حاز على الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة الدولي السادس للإذاعة والتلفزيون وهو يحكي عن انتهاك أماكن العبادة الإسلامية التاريخية بفعل الاحتلال الإسرائيلي، وفيلم (الحلم الوردي) عن مدينة البتراء الأثرية، وفيلم (دير ياسين الوجع) الذي يسجل شهادة حية على مجزرة دير ياسين، وفيلم (جنين) الذي يوثق المجزرة التي حدثت فيها على يد الجيش الإسرائيلي.
- المخرج رياض طمليه، أنجز فيلما قصيرا بعنوان (المدينة) عن قصة لمحمد طمليه مدته 12 دقيقة.
- المخرج صلاح أبو عون، أنجز فيلما بعنوان (الكابوس) عن قصة لمحمد طمليه.
- المخرج علي طوالبه أنجز فيلما قصيرا بعنوان (نجادة) مدته 8 دقائق.
- المخرج مراد محمد يوسف أنجز فيلما قصيرا بعنوان (حجر).
- المخرج فيصل جرادات أنجز فيلما قصيرا بعنوان (أبواب).
- المخرج يزن النجداوي أنجز فيلما قصيرا بعنوان (عضلة الإسفنج).
ومن الواضح من خلال متابعة هذه الجهود أن ظروف صناعة سينمائية حقيقية تعمل على إنتاج أفلام روائية أردنية طويلة غير متوفرة، خاصة مع ازدياد التطور في صناعة السينما العالمية وعدم وجود قدرات بشرية ومالية وفنية قادرة على الاستمرار في مثل هذه الصناعة الفائقة التكلفة، وكذلك بروز التلفزيون كمنافس هائل ومستقطب للكفاءات والمواهب الدرامية في كل مجالات تخصصها، لذلك تظل النشاطات السينمائية محصورة في نطاق الأفلام التسجيلية والأفلام الروائية القصيرة، وهي نوعيات من الأفلام لا تطمح للمنافسة في سوق السينما بشكل تجاري، وتقتصر على المشاركة في المهرجانات السينمائية المتخصصة وفي العروض الخاصة للنخب الثقافية والفنية.
وإذا كانت السينما كصناعة غير متاحة، فإن الاهتمام بالسينما كثقافة، وكوعي فني رفيع لم يتوقف، وقد تجلى هذا في تأسيس النادي السينمائي الأردني عام 1979 وكان من أبرز نجومه والمحرك الأساسي في نشاطه الناقد السينمائي المرحوم حسان أبو غنيمة الذي أثرى الثقافة السينمائية بجهوده المتواصلة من خلال تنظيمه للعروض السينمائية المتميزة للسينما العالمية بكافة اتجاهاتها، وكذلك من خلال إصدارات النادي السينمائي من المنشورات، وتفعيله للنقد السينمائي من خلال نشاطاته الصحفية في الصحف الأردنية واستقطابه للعديد من الكفاءات المهتمة بالسينما أمثال ناجح حسن وحسن الدباس وغيرهما.
كما ساهم الناقد السينمائي المعروف عدنان مدانات في نشر الثقافة السينمائية من خلال كتاباته الجادة ثم من خلال تأسيس لجنة السينما في مؤسسة شومان بداية التسعينات التي أكملت دور النادي السينمائي الذي تلاشت نشاطاته بوفاة مؤسسه حسان أبو غنيمة، حيث تنظم لجنة السينما عروض الأفلام السينمائية، وتقيم مهرجانات للأفلام العربية والعالمية، وتتعاون مع مؤسسات أخرى في تنظيم هذه العروض كأمانة عمان الكبرى، والمركز الثقافي الملكي.
كما جاء تأسيس الهيئة الملكية للإنتاج السينمائي عام 2004 كمحاولة جادة للنهوض بهذا القطاع، ووضع الأسس لقيام صناعة سينمائية أردنية واستدراج السينما العالمية للتصوير داخل الأردن واستغلال طبيعته وآثاره في هذا المجال، حيث أن الأردن قد شهد تصوير العديد من الأفلام العالمية الهامة مثل فيلم (لورنس العرب) للمخرج ديفيد لين، وفيلم (السندباد وعين النمر) الذي تم تصويره في البتراء، وكذلك فيلم (إنديانا جونز والحملة الأخيرة) عام 1998 لستيفن سبلبيرغ وإنتاج جورج لوكاس وتم تصويره في البتراء أيضا.
كما أن الاهتمام بالسينما كثقافة يبدو بوضوح شديد في هذه المهرجانات المتوالية للعروض السينمائية المتميزة، وكذلك في هذا الانتشار الكثيف لدور العرض السينمائية المتطورة والراقية والتي تعرض الأفلام العالمية بالتزامن مع عروضها في بلدانها الأصلية، مما يدل على الوعي المتنامي بالسينما ودورها الثقافي المتميز.