Logo 2 Image




تاريخ الفنون في الأردن

المسرح الأردني

مقدمة

يمكن القول إن المسرح لم يبدأ بترسيخ نفسه كحركة فنية تملك مقومات الاستمرار والنمو والانتشار والتطور إلا في بداية الستينات، عندما التقى عاملان مهمان من عوامل تأسيس المسرح الأردني، الأول: تأسيس الجامعة الأردنية عام 1962، التي انبثق عنها نشاط مسرحي تحت عنوان أسرة المسرح الجامعي، والثاني قدوم أول مخرج مسرحي متخصص دارس للفن المسرحي في أمريكا هو المخرج المرحوم هاني صنوبر، الذي بدأ نشاطه الإخراجي من خلال أسرة المسرح الجامعي، حيث قدما معا عددا من المسرحيات العالمية المترجمة على مسرح الجامعة، وشكّل أعضاء هذه الأسرة النواة الصلبة الأولى للحركة المسرحية، بل لحركة التمثيل الإذاعي والتلفزيوني والمسرحي في الأردن، وكان من أعضاء هذه الأسرة كل الفنانين الرواد أمثال: نبيل المشيني، سهيل الياس، نبيل صوالحه، سهى مناع، بهاء ابوطه، مارجوملاتلجيان، قمر الصفدي، ومع تأسيس دائرة الثقافة والفنون عام 1966، تم إنشاء أسرة المسرح الأردني التي ضمت معظم المشتغلين في حقل التمثيل في ذلك الحين، أمثال أديب الحافظ، مازن القبج، رشيدة الدجاني، هشام هنيدي، أحمد قوادري، محمد العبادي، عمر قفاف، شعبان حميد، حسن أبو شعيرة، أسماء خوري، سميرة خوري، مارغو أصلان بالإضافة إلى أعضاء أسرة المسرح الجامعي السابقة وغيرهم من الفنانين.

ومع قدوم العديد من المخرجين الدارسين لفن التمثيل والإخراج في المعاهد والجامعات العربية والأجنبية منذ بداية السبعينات أصبح واضحا أن المسرح الأردني صار ملمحا أساسيا من ملامح الحركة الفنية الأردنية، خاصة مع تأسيس قسم المسرح في دائرة الثقافة والفنون، وإنشاء أول قاعة عرض مسرحية تابعة للدائرة في جبل اللويبدة والتي أصبحت تسمى فيما بعد مسرح أسامة المشيني، ومن بعد ذلك إنشاء المركز الثقافي الملكي بمسارحه وقاعاته المتعددة، وبعد ذلك إنشاء قسم الفنون المسرحية في جامعة اليرموك لتدريس التمثيل والإخراج، وقبل ذلك إنشاء مركز تدريب الفنون التابع لدائرة الثقافة والفنون والذي كان يعقد دورات في فن التمثيل المسرحي.

الاهتمام بالكتابة عن المسرح جاء لاحقا لظهور الحركة المسرحية، لهذا فان التوثيق للمسرح بشكل دقيق لم يكن من ضمن الاهتمامات في تلك الأيام. والمحاولات التي ظهرت في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كانت محاولات فردية، أثمرت عددا من الدراسات والكتب التوثيقية التي هدفت إلى حفظ المعلومات عن المسرح والمسرحيات التي تعرض، كما ظهرت دراسات تبحث في أصل المسرح الأردني، وبداياته البعيدة منذ تأسيس الإمارة.

ورأى البعض أن بدايات المسرح كامنة في تلك المسرحيات البسيطة التي كانت تعرضها بعض المدارس والأديرة ضمن نشاطاتها ورأى آخرون أن ذلك لا يمكن أن يسمى حركة مسرحية.

لهذا يجد الناظر في تاريخ المسرح الأردني العديد من الاجتهادات حول البدايات، وكذلك حول المراحل التي مر بها هذا المسرح، ومسميات هذه المراحل.

ومن المؤكد أن المسرح الأردني، شأنه شأن جوانب الحركة الفنية الأردنية الأخرى كالفن التشكيلي والموسيقي، والفنون الشعبية، وغيرها بحاجة إلى المزيد من الدراسات والأبحاث والتوثيق.

وما نقدمه هنا من معلومات عن المسرح الأردني، هو اجتهاد من ضمن الاجتهادات ولمن أراد المزيد من المعلومات هناك بعض المراجع المشار إليها في نهاية هذا العرض.

المرحلة الأولى: البدايات

عرف المسرح في الأردن في مطلع القرن العشرين من خلال بعض المسرحيات التاريخية والدينية والاجتماعية، وعدد من المسرحيات المترجمة، بالإضافة إلى بعض المحاولات في التأليف المحلي التي قام بها بعض الهواة في الأردن وكانت هذه الأعمال المسرحية تقدم في الأندية والمدارس والكنائس والجمعيات الخيرية وكذلك في المدن والقرى ومضارب البدو.

وكانت تقدم بقصد المساعدة في أعمال الخير من أجل جمع التبرعات للفقراء والمنكوبين وللتعبير عن المشاعر الوطنية والقومية وإشاعة روح التصدي للغزو الفكري والثقافي والاستيطاني الذي تعرض له وطننا العربي إضافة إلى توظيفها لأغراض تربوية تعليمية.

ومن هذه المسرحيات "فتح الأندلس" للشيخ فؤاد الخطيب، ومسرحية "الأسير" لمحمد المحيسن، و"سهرات العرب" لعثمان قاسم، ومسرحيات "عبد الرحمن الناصر"، و"خالد بن الوليد"، و"دماء في الجزائر"، و"واقعة القادسية "، و"المعتصم بالله"، و"معركة اليرموك"، و"ضرار بن الأزور"، و"عمار بن ياسر"، و"وفاء العرب"، و"صلاح الدين الأيوبي" ومن المسرحيات العالمية: تاجر البندقية لشكسبير، وغيرها من المسرحيات المترجمة. وظل هذا حال المسرح في النصف الأول من القرن العشرين.

المرحلة الثانية: مرحلة المسرحيات العالمية - المترجمة

في هذه المرحلة برز في الساحة الفنية اسم الأستاذ هاني صنوبر الذي تخرج من "كودمان ثيتر" في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1957.

وقد عمل فترة من الزمان في المسرح السوري، ثم قدم إلى عمان وأخذ يعمل على استقطاب هواة الفن المسرحي من الإذاعة الأردنية (قسم الدراما) والجامعة الأردنية وبعض الهواة، حيث أسس من هذه الطاقات الواعدة آنذاك أسرة المسرح الأردني والتي تكونت من نبيل صوالحة، أديب الحافظ، عمر قفاف، قمر الصفدي، سهى مناع، نبيل المشيني، مارغو ملاتجيان عام 1964.

وقدمت الأسرة أولى مسرحياتها وهي مسرحية "الفخ" لروبرت توماس، وأخذت هذه الأسرة المتعاونة في تقديم مواسم مسرحية معتمدة على المسرحيات المترجمة.

وبمراجعة سريعة لعناوين هذه المسرحيات التي قدمها هاني صنوبر نجد أنها اعتمدت على الإثارة البوليسية والكوميديا بالإضافة للمسرحيات التي تعمل على إذكاء روح الاعتزاز الوطني والقومي والنضال ضد الأعداء، وقد استمرت هذه الأسرة في العطاء حتى سنة 1976 ومن أهم المسرحيات التي قدمتها: "أفول القمر"، "ادفنوا الموتى"، "موتى بلا قبور"، "العنب الحامض"، "الوعد".

المرحلة الثالثة: مرحلة المسرح العربي

شهد عقد السبعينيات تخرج أعداد من المخرجين الأكاديميين من الجامعات والمعاهد والأكاديميات العربية والعالمية، أمثال أحمد قوادري، حاتم السيد، شعبان حميد، عمر قفاف، باسم دلقموني، يوسف الجمل، أحمد شقم، محمد حلمي، توفيق نجم، طارق برقاوي، تيسير عطية، جولييت عواد، بالإضافة إلى المخرج جميل عواد وسهيل الياس ومهدي يانس من أسرة المسرح الأردني.

قدم هؤلاء مسرحيات من روائع المسرح العربي وبعض التجارب المسرحية المحلية.

من أهمها .. "الزير سالم"، "حلاق بغداد" لـ ألفريد فرج، "عفاريت القرن العشرين" لعلي سالم، "المسامير" لسعد الدين وهبه، (الزوبعة، الغرباء لا يشربون القهوة، الرجال لهم رؤوس، اضبطوا الساعات، رسول من قرية تميره، ليالي الحصاد، الغائب الزوبعة) للكاتب العربي محمود دياب، "الفرافير" ليوسف إدريس، "الوافد" لمخائيل رومان، "عريس لبنت السلطان وحفلة على الخازوق" لمحفوظ عبد الرحمن، "المفتاح" ليوسف العاني، "المهرج" لمحمد الماغوط. ومن أهم الأعمال المسرحية الأردنية المحلية "المفتاح والجراد" و"عطشان يا صبايا" لجمال أبو حمدان، "المغناة الشعبية المسرحية "خالدة" و"آباء وأبناء" للمرحوم الشاعر عبد الرحيم عمر، "الضباع" و"المحجر" و"مذكرة من جبل النار"، و"معايد القريتين"، "المضبوعون" لمحمود الزيودي. وأعمال الكاتب أمين شنّار "السد" "الليلة يطلع القمر" و"قرية الشيخ حماد"، "ظلام في عين الشمس" والمسرحية الغنائية الاستعراضية "برجاس" للشاعر حيدر محمود، و"الرحالة السندباد" لفؤاد الشوملي، و"المأزق" لبشير هواري، و"تغريبة ظريف الطول " لجبريل الشيخ، و"لعبة مسرحية اسمها الشحادين" لجميل عوّاد .... والكثير من التجارب المسرحية الأردنية.

المرحلة الرابعة: عقد الثمانينات ومرحلة التجريب

شهد عقد الثمانينات تزايداً في عدد الخريجين من الأكاديميات والجامعات والمعاهد الفنية العربية والعالمية بالإضافة على إنشاء كلية الفنون في جامعة اليرموك ومركز التدريب المسرحي التابع لوزارة الثقافة، فأخذ عدد من المخرجين القدامى والجدد يقدمون تجاربهم المسرحية الجديدة متمردين على التأليف والشكل الفني "التقليدي"، وظهرت عدة فرق مسرحية بالإضافة إلى ما تقدمه وزارة الثقافة من عروض مسرحية، أهم هذه الفرق: الفوانيس، وفرقة مسرح المسرح، ومختبر الرحالة.. ومسرح الـ 60 كرسي، وفرقة مسرح الفن في إربد، ومختبر موال المسرحي، ومسرح الخيمة، وفرقة المسرح الشعبي، وظهرت مؤسسة نور الحسين كرافد هام في الإنتاج الفني بشكل عام والمسرحي بشكل خاص.

ومن أهم المخرجين الذين ظهروا في هذه المرحلة خالد الطريفي، ونبيل نجم، ولينا التل، وسوسن دروزة، وفتحي عبد الرحمن، وعبد اللطيف شمّا، ومحمد الضمور، ونعيم حدادين، ومحمود إسماعيل بدر، وسمر دودين، وماهر خماش، ووفاء القسوس.

من أهم الأعمال المسرحية التي قدمت في هذه المرحلة مسرحية "دم .. دم تك" عن مسرحية بريخت "بونتيلا وتابعة ماتي"، و"فرقة مسرحية وجدت مسرحاً فمسرحت هاملت"، "راوي مسرحي يمسرح أوديب"، "حذاء السيد طافش"، "حال الدنيا"، "يا عنتر"، "الحكم قبل المداولة"... "أفكار جنونية من دفتر هاملت"، "ليلة مصرع جيفارا"، "ملحمة جلجامش"،"الغابة الخضراء". كما ظهرت نصوص محلية لعدد من الكتاب الأردنيين الذين كتبوا مسرحيات للكبار، ومنهم الشاعر الأردني د. وليد سيف، ومن أهم أعماله: ألف حكاية وحكاية من سوق عكاظ، ونقوش زمنية، كما كتب للأطفال بعض الكتب منهم: نادية أبو طه وروضة الهدهد ومحمد الظاهر.

"واقعة القادسية"، و"المعتصم بالله"، و"معركة اليرموك"، و"ضرار بن الأزور"، و"عمار بن ياسر"، و"وفاء العرب"، و"صلاح الدين الأيوبي". ومن المسرحيات العالمية: تاجر البندقية لشكسبير، وغيرها من المسرحيات المترجمة. وظل هذا حال المسرح في النصف الأول من القرن العشرين.

المرحلة الخامسة: التسعينيات:

شهدت هذه المرحلة ازدهاراً وانتشاراً واسعاً للمسرح الأردني بعد حرب الخليج نتيجة لقلة الطلب على الأعمال الأردنية التلفزيونية عربياً، مما دفع الفنانين باتجاه المسرح حيث انتشرت الفرق المسرحية وقدمت الكثير من المسرحيات التي ساعدت في إنتاجها وزارة الثقافة، والتي نظّمت المهرجانات الثقافية عامة والمسرحية خاصة فأقامت مهرجان المسرح الأردني، وكذلك مهرجان مسرح الشباب بالتعاون مع رابطة الفنانين وكذلك مهرجان مسرح الأطفال، وقامت بالتعاون مع الجامعات والكليات المتوسطة بتنظيم مهرجان يحمل نفس الاسم، بالإضافة لمهرجان جرش للثقافة والفنون الذي يقام سنوياً منذ عام 1980 وحتى الآن.

وأفرزت هذه المرحلة الكثير من المخرجين الشباب منهم:

زياد جلال، حسن سبايلة، عصمت فاروق، عاكف نجم، حكيم حرب، وفيسنا مشارقة، وحسين نافع، وعبد الكريم الجراح. ومن أهم الأعمال المسرحية التي شهدتها تلك الفترة (الرمال الناعمة، كلاكيت، المتمردة والارجواز، هاملت يصلب من جديد، السؤال، الصابرون، في انتظار جودو، زخارف الخلخال، عرس الأعراس يويا، سر الماورد)، امرؤ قيس في باريز، خريفة شعبية، نار البراءة، الزبّال، عالأوف مشعل وجبينه، المضبوعين، خرج ولم يعد، اسمع يا عبد السميع، بكالوريوس في حكم الشعوب، ليلة دفن الممثلة جيم، طيبة تصعد الى السماء، القشة، مسرح يبحث عن مسرح.

الناقد والمسرحي حاتم السيد

للمزيد عن المسرح الأردني يمكن الرجوع للمنشورات التالية:

بانوراما حركة المسرح الأردني 1977 – 1983، محمود إسماعيل بدر، منشورات دائرة الثقافة والفنون 1983.

المسرح الأردني: واقع وتطلعات، أوراق ملتقى عمان الثقافي الرابع 20-125 آب 1995 منشورات وزارة الثقافة – عمان – الأردن 1999.

التجربة المسرحية الأردنية 1918 – 1980 – صادق خريوش، منشورات وزارة الثقافة – المملكة الأردنية الهاشمية – عمان 1993.

البحث عن مسرح، د. مفيد حوامده، سلسلة دراسات في المسرح الأردني رقم 1 دار الأمل – اربد 1985.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟