بدأت فعاليات مؤتمر الدراما والإبداع في التربية والتعليم، يوم الثلاثاء 15/11/2022 في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي، برعاية وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة.
وحضر حفل افتتاح المؤتمر الذي نظمه المركز الوطني للثقافة والفنون التابع لمؤسسة الملك الحسين بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم وبدعم من مؤسسة "دروسوس" ومقرها زيوريخ، رئيسا الوزراء السابقان؛ عضو مجلس أمناء مؤسسة الملك الحسين الدكتور عدنان بدران، والدكتور عمر الرزاز، والعين رابحة الدباس، ومندوب وزيرة الثقافة أمين عام الوزارة هزاع البراري، وعدد من المسؤولين المعنيين بالعملية التربوية.
واستهل الحفل بعرض بصري لدور ومهام المركز الوطني والبرامج والمشروعات التي نفذها في إطار الدراما التفاعلية والتعليمية والتربوية، بهدف إثراء العملية التعليمية بما يواكب العصر الحديث من خلال الدراما والموسيقا، وإدماج هذه الفنون ولا سيما المسرح في التعليم كجزء أساسي من العملية التربوية والتعليمية.
وألقى الدكتور محافظة كلمة في الجلسة الافتتاحية قال فيها؛ "نعيش اليوم في عالم سريع التغيّر والتطوّر، فالتربية لا تُعد الأفراد لعالم ساكن، بل ينبغي أن تعمل على إعدادهم للتكيف مع التغيرات التي تزداد تعقيداً خلال حياتهم والتي قد تصعب ملاحظتها في هذا العصر، لهذا لا بد أن نعمل على تزويدهم بالأدوات اللازمة التي تمكنهم من استمرارية التعلم الفاعل".
ولفت إلى أهمية دور الصناعات الابداعية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ودورها في دعم المواهب في مجالات الفنون والثقافة لتنمية عقول الطلبة وتحويل أفكارهم الابداعية إلى نماذج تعلمية رائدة.
وبين محافظة أن أهمية انخراط الطلبة بأنشطة الدراما التربوية بوصفها المكمّل للعملية التعليمية التربوية هي وسيلة فاعلة لتعزيز مهارات القرن الواحد والعشرين التي تعمل على تنمية التفكير الناقد وحل المشكلات والتواصل والتعاون والإبداع والابتكار لديهم من خلال إحداث تغيرات في سلوكيات المتعلمين مما يعزز مفاهيم الريادة ويشجع الإبداع لديه.
ولفت إلى أن هذه الأنشطة تعد من أكثر طرق التدريس فاعلية في تنمية مهارات التفكير، لأنها تتيح فرصاً للمتعلمين لممارسة عمليات العلم التي تتضمنها الطريقة التفاعلية النشطة.
وقال محافظة إن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بأهمية بناء الإنسان الأردني بناءً متكاملًا ومتوازناً مزودًا بالمعارف والمهارات اللازمة دعت إلى مواكبة المستجدات التعليمية والتربوية الحديثة وتوظيف مختلف أشكال وأساليب التعليم الحديثة في العملية التعليمية التي تمكنه من المشاركة الفاعلة في عملية التنمية.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الوزارة تعمل على غرس ثقافة الإبداع لدى طلبتها، بتنمية مواهبهم وقدراتهم الخاصة وجوانب التميز لديهم، مبينا أنها ضمنت مناهجها الدراسية مفاهيم الإبداع في مختلف المراحل الدراسية، من خلال تشجيعهم على إنتاج أفكار جديدة وتحويلها إلى واقع ملموس من خلال أنشطة صفية تكون ذات قيمة مضافة تدعم عمليتي التعليم والتعلم.
ولفت محافظة إلى أن الوزارة وضعت إطارا خاصا للفنون الدرامية والموسيقا وأقره مجلس التربية وعلى وشك التنفيذ في المدارس قريبا.
وأشار إلى تعاون الوزارة مع مختلف الجهات الداعمة من أجل تسليط الضوء على أحدث أساليب تدريس الدراما الخلّاقة في المدارس، ودور مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في تحقيق كل تلك التطلعات الساعية إلى تعزيز منهجية الدراما في التربية والتعليم وتعميمها.
من جهتها، أشارت مدير عام المركز الوطني لينا التّل في الجلسة؛ إلى أن هذا المؤتمر يُعد ثمرة نجاح مشروع "الإبداع في الغرفة الصفية" الذي دام 4 سنوات متواصلة بدعم من مؤسسة "دروسوس" مما مكننا من قياس أثر أهدافه المرجوة على المعلمين والطلبة لخدمة التعليم في الأردن بطرق إبداعية ومؤثرة من خلال الدراما التربوية.
واستعرضت دور المركز منذ تأسيسه عام 1987 لتعزيز التنمية الاجتماعية والتفاهم بين الثقافات، والإبداع من خلال الاستفادة من الفنون الأدائية وطنياً ودولياً، وتقديم نماذج إبداعية مبتكرة في كيفية استخدام الفنون الأدائية المتمثلة بفنون المسرح والرقص، لإثراء العملية التعليمية والتنمية الاجتماعية وتعزيز القيم الإنسانية.
وبينت التل أنه خلال فعاليات المؤتمر، سيجري إطلاق مخرجات المشروع وأثره الإيجابي الذي لمسناه من قبل المعلمين والمعلمات والطلبة، والاحتفال بانتهاء تدريب 300 معلم ومعلمة من عمّان ومحافظات إربد والكرك والزرقاء، حول "استخدام الدراما في التربية والتعليم وتقنيات الفنون المسرحية".
وأعربت عن اعتزازها بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم منذ سنوات عدة، والتي تمثلت في إثراء العملية التعليمية من خلال برامج ومسرحيات تربوية جرى عرضها في المدارس في جميع محافظات المملكة، مشيرة إلى أن الوزارة أولت اهتمامها بالمسرح والدراما التعليمية وبادرت في عام 2018 بتخصيص 20 بالمئة من المنهاج للأنشطة اللامنهجية، تغطي حصتين مقررتين ضمن برنامج الدروس الأسبوعي.
وفي هذا الإطار، بينت التل أن المركز قام بالشراكة مع الوزارة بإعداد دليل متكامل حول "الدراما في التربية والتعليم وتقنيات الفنون المسرحية" للمعلمين والمعلمات، موجه للطلبة من الصف الأول إلى الثاني عشر.
وعبرت المديرة التنفيذية لمؤسسة "دروسوس" سوبا اوماثيفان في كلمتها؛ عن سعادتها بوجودها في الأردن لأول مرة، معربة عن إعجابها باطلاعها على الثقافة والتراث الأردني.
وثمنت دور وزارة التربية والتعليم بالمشاركة في عقد هذا المؤتمر واهتمامها بإدراج الدراما ضمن برامجها التعليمية اللامنهجية، منوهة بدور الدراما والفنون في صقل شخصيات الأطفال واليافعين وتنمية ثقافتهم ومداركهم وإكسابهم مهارات عديدة.
وتبع الجلسة الافتتاحية تقديم عرض بصري وثائقي تسجيلي عن المشروع في محافظتي الكرك والزرقاء تحدث فيه تربويون من وزارة التربية عن المشروع وبرامجه وأهدافه ونتائجه والطموحات في التوسع به.
كما شارك عدد من طلبة المدارس ممن انخرطوا في برامج المشروع وورشاته في تقديم عرض عن المهارات التي اكتسبوها وتجربتهم في ذلك، وعبروا عن مدى الفائدة التي تحققت لديهم لاسيما في اكتساب العديد من المهارات وتعزيز قدرة التواصل لديهم مع محيطهم.
وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان "أثر الدراما التربوية على العملية التعليمية وأدارتها التل، قال البراري إن البوابة الأساسية لتحويل الفنون إلى حاجة مجتمعية ومنهجية هي التعليم، رائيا أنه يجب أن تكون كل الفنون نشاطات منهجية في قطاع التربية والتعليم.
وأضاف أن حاجة الحضارة والدولة للفنون تعطي لها الحماية من خلال توفير إطار ثقافي للطفل والأسرة والذي بالتالي يسهم بحماية الاستثمار وتعزيز الاستقرار المجتمعي وإيجاد الأمن الثقافي المجتمعي، كما يعمل على مكافحة العنف ومحاربة التطرف، ولفت إلى أن هذا الأمر يتطلب العمل ضمن منظومة واحدة تتعاون فيها مختلف الجهات المعنية
وأكد البراري أهمية المسرح والموسيقا كأدوات لبناء المجتمعات وحماية المستقبل، واستعرض دور وزارة الثقافة من خلال معهد الفنون، في تدريب الأطفال والشباب في مختلف الفنون، مشيرا إلى مهرجان مسرح الطفل الذي تنظمه الوزارة ودوره في تنمية ثقافة الأطفال.
ولفت مدير عام النشاطات في وزارة التربية الدكتور عبد السلام الشناق في الجلسة؛ إلى أن الوزارة تعد من أوائل الوزارات في الدول العربية التي وظفت الدراما في التربية والتعليم من حيث عدد المعلمين الذين يمتهنون الدراما، ومنهجة الدراما.
واستعرض عدد الطلبة الذين شاركوا في ورشات وبرامج منهجة الدراما في التربية والتعليم، لافتا إلى أن الوزارة تعمل على الوصول إلى استفادة مليون طالب وطالبة من هذا المشروع من خلال الشراكات مع مؤسسات المعنية، بالإضافة إلى العمل على المتدربين من المعلمين في هذا المجال لتدريب زملائهم في المدارس الأخرى.
واعتبرت المديرة التنفيذية للمركز الوطني لتطوير المناهج الدكتورة شيرين حامد، خلال مشاركتها في الجلسة، أن بناء الإنسان هو الأساس، منوهة بأثر الدراما على بناء الإنسان، مشيرة إلى التجارب العالمية في هذا السياق.
وقالت الدكتورة حامد "إننا كدولة رائدة في بناء الإنسان يجب أن نستفيد من هذه التجربة"، مستعرضة إنجازات المركز الوطني لتطوير المناهج بخصوص منهجة الدراما وتوظيفها في المدارس.
وبينت أن هناك ثلاث وثائق في هذا الشأن لدى مركز تطوير المناهج، الأولى وثيقة السياسات وتتضمن المفاهيم العابرة للمواد والتي تركز على بناء الإنسان ومهارات القرن الـ21 ومهارات التواصل وهي تدخل في الكتب بسلاسة دون إقحام.
والوثيقة الثانية، بحسب الدكتورة حامد؛ هي الإطار العام لمبحث الفنون البصرية والموسيقية ويحتوي على 15 محورا، لافتة إلى أن هذه المحاور ليست صعبة على المعلم بحيث يمكن تطبيقها في الغرفة الصفية وتركز على بناء المهارات وتتناول حرية التعبير والتفكير الناقد والمشاركة وتصب في جوهر القرن الـ21.
وأشارت إلى أن الوثيقة الثالثة ستخرج قريبا وتتعلق بإطار الأنشطة المدرسية بحيث مهما كانت البيئة المحيطة للمدرسة متواضعة فإن المعلم يستطيع أن ينفذ أنشطته المعلقة بذلك.
واستعرضت الفنانة جوليت عواد، من جهتها، تجربتها في حقل الدراما من خلال تدريبها للطلبة في المدارس الخاصة، مبينة ما يحتاجه الطفل في بناء الذكاء العقلي والذاكرة السمعية والبصرية لكي يستطيع التعلم.
وتحدثت عن تجربتها في إدخال الدراما في التعليم منذ عام 1986 من خلال إقامة الورشات التي تنتهي كمخرج فني بعرض مسرحي أمام أولياء الأمور للتوسع بالفكرة لاحقا وتضم إليها معلمات في الموسيقا والرسم والرقص التعبيري والرياضة.
وقالت الفنانة عواد، إن هذا الأمر لفت أنظارنا إلى أن الطلبة الذين لديهم حالات خاصة تطورت لديهم مهارات التفاعل والإدراك والتواصل، مشيرة إلى أنها نقلت هذه التجربة إلى المحافظات من خلال فرقة "آرام" التي أسستها وقدمت النشاط المسرحي التفاعلي.
وتحدثت أخصائية تنمية الشباب في منظمة "اليونيسيف" بيسان عبد القادر، بدورها، عن دور ومهام "اليونيسيف" والتعاون مع شركائه المحليين المعنيين.
ولفتت إلى أن اليونيسيف أولت اهتمامها بأن تصل الفرص المتاحة فيما يتعلق بموضوع الدراما إلى خارج عمان لتشمل معظم مناطق الأردن، وإلى أهمية الدراما في إكساب الطلبة مهارات القدرة على التعبير، واكتساب الجراءة وتجسير الفجوة بين مهارات الطلبة والمهارات التي يستخدمها المعلمون.
وفي الجلسة الثانية التي أدارتها مديرة تطوير البرامج والعلاقات الدولية في المركز الوطني للثقافة والفنون رانيا قمحاوي، وشارك فيها كل من مدير القسم المسرحي في وزارة التربية المخرج باسم عوض، ومدير مركز الروبوتيكس في مدرسة البكالوريا اسماعيل ياسين، والمخرجة السينمائية دارين سلام ومؤسس ومدير شركة ألعاب الهواتف المحملة نور خريس، استعرض المخرج عوض تجربته الشخصية خلال عمله مدرسا في إحدى الدول العربية، كما تحدث عن التجربة الفنلندية في توظيف الدراما في المدارس.
وأكد أن الدراما ليست فقط للترفيه بل هي جزء أساسي من العملية التعليمية، لافتا إلى أهمية إدراك المجتمع لأهمية الدراما لأنها تنقل الفرد من التفكير النظري إلى العملي.
وأشار ياسين إلى أن مفردة "روبوت" وردت في نص مسرحي لكاتب المسرحي التشيكي للكاتب "كارل تشابيك" عام 1920، مستعرضا مفهوم "ستيم" في التعليم والذي يتمحور حول إدماج وتضمين الفنون والثقافة والآداب واللغة في مهارات التسويق بحيث تتكامل جميع المواد الدراسية مع بعضها بعضا.
واستعرضت المخرجة سلام، تجربتها في صناعة الأفلام، مؤكدة أهمية تدريب الطلبة على صناعة السينما مما سيفتح لهم آفاقا واسعة للعمل.
ونوهت بأن الأردن أصبح قبلة لشركات الإنتاج وصناع الأفلام في العالم لما يتمتع به من مواقع ومناظر، مؤكدة أن تعلم فنون السينما للطلبة يكسبهم مهارات قيادية، بالإضافة إلى مهارات التواصل كما تساعدهم على اكتشاف مهارات ومواهب جديدة لديهم.
واختتم الجلسة الثانية خريس الذي استعرض تجربته في صناعة ألعاب الهاتف المحمول، لافتا إلى أنها ألعاب تفاعلية تكسب الأفراد مهارات التواصل والتفكير والأبداع.
كما اشتمل المؤتمر على جلسة تناولت التحديات وقصص النجاح وعرض فيلم وثائقي تسجيلي لمحافظتي إربد والزرقاء عن دور ورشات الدراما في التعليم.
--(بترا)
15/11/2022