منطقة عجلون في العهد الإسلامي المبكر:
منذ بدايات الفتح الإسلامي كانت المنطقة جزءًا من نظام الأجناد، وقد جرت على أرضها الأحداث العسكرية الكبيرة التي حسمت مستقبل الدولة البيزنطية، وبدأت المعارك بقيادة شرحبيل بن حسنة، فتم فتح مدن الأردن صلحاً بغير قتال، وهي: بيسان وسوسية وأفيق وجرش وجبال عجلون وبيت راس وقدس والجولان، وجرت على أرض منطقة عجلون معركة فحل عام 13 هـ / 635 م بقيادة مشتركة من أبي عبيدة عامر بن الجراح وخالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وهزم فيها جيش الروم، أما الهزيمة العسكرية الحاسمة على أرض المنطقة، فهي معركة اليرموك عام 15ه/ 636م، حيث خرجت جيوش الروم نهائيًا من بلاد الشام، وتم تعريب المنطقة .
ولأن العديد من المواقع العسكرية في عهد فتوحات بلاد الشام جرت على أرض منطقة عجلون، فقد استشهد على أراضيها العديد من الصحابة، ومنهم: أبو عبيدة عامر بن الجراح، وعامر بن أبي وقاص، وسميت منطقة وقاص باسمه، وعكرمة بن أبي جهل، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان .
لا توجد الكثير من الأخبار لمنطقة عجلون في صدر الإسلام، وربما يعود ذلك إلى اهتمام المؤرخ بالمراكز ومنها دمشق، حيث لم تكن عجلون مركزاً إدارياً، كما أن الأخبار انصبت على الفتوحات، وعلى بناء الأمصار خارج حدود بلاد الشام، لذلك لم يعثر على الكثير من الأخبار لمنطقة عجلون التي شارك أهلها في الفتوحات مثل غيرهم من أهالي بلاد الشام .
تم تقسيم بلاد الشام إدارياً إلى مناطق عسكرية عرفت بالأجناد في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وهي: جند دمشق ومركزه مدينة دمشق وتتبعه كور مآب والجبال والشراة، وجند فلسطين ومركزه اللد والرملة، وجند الأردن ومركزه طبريا ويضم كورة زغر واللجون، وجند حمص، وقد تبدلت الكور التابعة لجند الأردن حسب الأحوال الإدارية، وتبع جند الأردن ومن ضمنه عجلون إلى عمرو بن العاص أولا، ثم إلى معاوية بن أبي سفيان، ويذكر المؤرخ ابن عساكر ( 571 هـ / 1175م) في كتابه تاريخ دمشق أن معاوية أقام في بيت رأس، وأن ابنه يزيد ولد فيها سنة 27 هـ / 648 م ، وذلك في عهد الراشدين .
أما في العهد الأموي ( 40 هـ - 132 هـ / 660- 749م) فقد أصبح لمنطقة شرق الأردن أهمية خاصة، حيث ساندت القبائل معاوية بن أبي سفيان، كما وقفت إلى جانب الفرع المرواني ودعمت موقفهم، وأقام الخلفاء قصورهم في البادية الأردنية، وكانت عمان وجرش مراكز لضرب النقود الأموية، وبسبب اهتمام يزيد بن عبد الملك بالشعر والأدب وفد الشعراء إلى زيزياء والموقر والقسطل، ومنهم: جرير، والفرزدق، والأخطل، وكثّير عزة، و قضى يزيد جزءًا من خلافته في بيت رأس وإربد حيث توفي هناك، كما تذكر بعض الروايات أن الأمير الأموي محمد بن عبد الملك بن مروان اتخذ من بلاد عجلون دار إقامة له في قرية راسون، ويبدو أن اهتمام الأمويين بامتلاك الأراضي واستصلاحها كان سببًا في اتخاذهم الضياع في هذه المنطقة الغنية، وإقامتهم فيها، كما أن قربها الجغرافي من العاصمة دمشق يعزز هذا الاهتمام .
ومع أنه لم يتم العثور على أخبار كثيرة لمنطقة عجلون في صدر الإسلام وفي العهد العباسي، حيث انتقل مركز الدولة إلى المشرق، وأصبحت بغداد هي العاصمة، وابتعد الاهتمام الرسمي عن بلاد الشام، لكن منطقة عجلون ظلت تتمتع بأهمية خاصة بسبب ربطها لجنوب بلاد الشام مع دمشق، وموقعها من طريق الحج، فهي الممر من بلاد الشام إلى الحجاز، وتمر بها طرق التجارة الدولية من خلال المحطات إلى دمشق وفلسطين ومصر.
خضعت بلاد عجلون طوال العهد العباسي وفي مرحلة الدويلات المستقلة للأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية التي سادت بلاد الشام كلها، ولا تَرد الأخبار الوافية للمنطقة طوال سيطرة الدويلات المستقلة على بلاد الشام، إلا أن عجلون تمتعت بمكانة خاصة مع انهيار دولة الفاطميين في مصر وقيام الدولة الأيوبية، ومع تزايد حدة الصراع مع القوى الغازية لبلاد الشام من المغول والفرنجة .