يعمل مركز مادبا للفنون الجميلة التابع لمديرية ثقافة مادبا، الذي أنشئ حديثا وافتتحه وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، على تعزيز الجوانب الفنية والجمالية لدى المشاركين في الدورات من مختلف الفئات العمرية، من خلال تطوير مواهبهم ومهاراتهم الفنية المختلفة في الرسم أو الخط.
ويعتبر المركز الذي يقدم دورات مجانية، صرحا ثقافيا يحتضن المواهب الفنية، بإطلاق العنان لإبداعاتها في رحلة ممتدة لمدة عام، عبر الدورات التدريبية في قاعاته على يد أمهر المدربين في الفنون التشكيلية والخط العربي وأيضا العزف على آلة "البيانو"، كخطوة أولى وفق مدير ثقافة مادبا محمد سلمان الرواحنة، الذي قال: "إن المركز يقدم برامج تشتمل على دورات فنية متخصصة للأطفال والكبار، تهدف إلى تنمية مهاراتهم وصقل مواهبهم في مختلف مجالات الفنون الجميلة، وإثراء المشهد الفني في محافظة مادبا".
ويضيف، أن المديرية تعول على هذا المركز للمساهمة باكتشاف المواهب وتنميتها والاهتمام بالحقول الثقافية والارتقاء بالمنتسبين إليه، ليكونوا مبدعين بمجالات تخصصاتهم، وذلك من خلال تنظيم دورات الفنون الجميلة تزود المشاركين من مختلف الأعمار بالمعرفة والمهارات العملية والأدوات اللازمة لإنتاج أعمال فنية في غاية الروعة والإتقان، لذلك فإن المركز يعتبر وجهة فريدة تجمع بين الإبداع والاحترافية في عالم الفنون الجميلة، منذ استحداثه الذي انبثق عن معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة.
وأشار الرواحنة إلى أنه سيصار إلى تنظيم معارض فنية في المجال التشكيلي وحفلات موسيقا تتيح للمشاركين فرصة عرض إبداعاتهم والتواصل مع الجمهور، لأن المركز يعمل أيضاً على ترسيخ مكانته كمحور أساسي في المشهد الفني من خلال استقطابه للمواهب ليكون منصة متكاملة لهم ولعشاق الفنون على حد سواء، حيث يساهم المركز بفاعلية في إحياء الفنون الموسيقية والتشكيلية وتعزيزها من تقديم مجموعة متنوعة من الدورات التدريبية والورش الفنية.
ويؤكد المشرف على إدارة المركز يونس العبابسة، أن اهتمام المركز برعاية وتنمية المواهب، إلى جانب دوره البارز في تنظيم المعارض الفنية والندوات، يجعله عنصرا محوريا في تطور الفنون الموسيقية والتشكيلية، مشيراً إلى أن المركز يضلع بمهمة نقل المعرفة وتقديم التعليم الفني وفق منهج متقدم ومعتمد، مما يتيح للفنانين اكتساب مهارات متنوعة وإثراء تجربتهم الفنية.
واستعرض العبابسة ما يقدمه المركز من دورات خلال أيام التدريب (الأحد، الثلاثاء والخميس)، في مجال الفنون التشكيلية وتعليم العزف على آلة "البيانو" والخط العربي، وفرص لتطوير المهارات وتعزيز الإبداع لدى الطلبة في هذه الدورات، وذلك ضمن توجه وزارة الثقافة في المساهمة الفعلية في تعزيز المشهد الفني في محافظة مادبا بطرق تتسم بالابتكار والتفرد.
وأشار إلى أنه سيصار إلى زيادة الحقول التدريبية تدريجيا في مجالات الفنون الموسيقية والأدائية والبصرية وعلى مراحل، لتشمل المركز برامج تدريبية للفنون كافة، وتنظيم دورات تدريبية بهذه الحقول لمدة سنة لكل دورة.
وتقول مدرسة الفنون التشكيلية رنا أبو حشيش: "إن الفن التشكيلي يدرس بشكل متفرع ومواكب في مركز الفنون التابع لمديرية ثقافة مادبا، من خلال عقد الدورات التدريبية في هذا المجال لمختلف الأعمار الذين لديهم شغف لتعلم الفنون التشكيلية ولغة اللون"، مضيفة أنها تسعى من خلال تعليمها الفن التشكيلي الأكاديمي إلى أن تبحر في مدارس هذا الفن وترسخ مفاهيمه وأساسياته لجميع المنتسبين للدورة، من خلال شغفهم لتعلم الفن التشكيلي بمختلف مدارسه.
وتشير إلى أن مدة الدورة عام واحد تتم خلالها الكثير من الفعاليات والمعارض التي تساعد الطلبة على الانخراط في المجتمع الفني المحلي، مبينة أنه تم توفير كل ما يلزم لتعلم الرسم من أدوات وألوان، وتخصيص قاعة خاصة لتعليم الرسم لتمكين المنتسبين في الدورة من تعلم فنون الرسم بأريحية ومن دون وجود عوائق تقف أمامهم، وفي نهاية الدورة يحصل كل مشارك على شهادة من المركز لإثبات حقهم الفني.
فيما تطرق مدرس فنون الخط العربي طلال أبو نصير إلى رغبة المنتسبين في تعلم فنون وأنواع الخط العربي وانخراطهم بالدورة، شارحا أسلوبه في التدريب معتمدا على التدرج المنهجي للوصول إلى اتقان الكتابة بجمالية ودقة متناهية، وذلك بعد تحديد نوع الخط المراد تعلمه، ويفضل البدء بخط الرقعة لسهولة قواعده، ويلزم ذلك التعرف إلى الأدوات الأساسية للتدريب مثل: القلم (القصب أو المعدني)، الحبر، والورق المناسب، ثم البدء بتعلم الأشكال الأساسية لكل حرف على حدة، بعد ذلك الانتقال إلى الحروف المتصلة بإتقان ويتم التدريب على كتابة كلمات قصيرة تتضمن الحروف التي تم التدريب عليها مع العناية بتناسق الحروف والمسافات بينها.
وقال أبو نصير: "لا شك أن تعلم الخط العربي يحتاج إلى الاستمرارية والمثابرة، إذ يتطلب التكرار في التمارين والصبر للوصول إلى مستوى الإتقان".
وتتبع مدرسة الموسيقا ماريا شويحات طرق وأساليب تدريس وتعليم وتدريب الطلاب المشاركين في الدورة المخصصة للعزف على آلة "البيانو" وفق منهجية التدريب النظري والعملي الذي يعود بالفائدة المرجوة، في إبراز إبداعات هؤلاء الطلبة ودورهم في بناء مجتمعاتهم وتطوير الموسيقا والذوق العام، بحسب ما أكدت بقولها: "الفن لغة عالمية، والموسيقا غذاء الروح"، مشيرة إلى أن آلة البيانو من الآلات الأساسية التي تدرس في المناهج الدراسية بالكليات والمعاهد الموسيقية المتخصصة، وتدرس بأسلوب فردي وفق التخطيط التقليدي الذي يتفق مع فكر المعلم وطريقة تدريسه، وتهدف أساسا إلى إكساب الطالب الخبرات والارتباطات التعليمية التي تؤدي إلى تكوين تنظيم إدراكي يختزن في الحياة العقلية على هيئة أنماط يمكن استغلالها في منهجية التدريس لمادة الموسيقا، بشكل عام والبيانو بشكل خاص.
وتزيد شويحات، أنها تعتمد في تدريسها على المرونة والسعي الجاد لدى الطلاب المشاركين خلال الدورات الفنية، لاستقطاب العاملين النظري والعملي في طريقة العزف على آلة البيانو، مما يؤدي إلى تجاوب فعلي منطقي من قبل الطلاب ليعود ذلك عليهم بالفائدة، وهذا فعليا ما أصبو إليه في عملية تدريس وتدريب الطلاب على آلة البيانو.
ويرى عدد من المشاركين في دورات تعلم الفنون التشكيلية وفن الخط العربي وعزف البيانو، أهمية وجود هذا المركز كحافز أساسي في تعميق تعلم العديد من المهارات الإبداعية في مجالات الفنون الجميلة بأسلوب عملي، إذ يعطي مساحات أكثر لتفعيل الجانب الحرفي بشكل يأسرهم نحو إبراز مكنونهم الإبداعي إلى حيز الوجود.
ولغايات تحسين مهاراته اليدوية والفنية وإتقان إنتاج اللوحات الفنية، انخرط الدكتور عاطف الشوابكة في إحدى الدورات الفنية التي ينظمها المركز، التي تسهم في تنمية مهاراته وقدراته وتعميق رؤاه الإبداعية في مجال الفنون التشكيلية وفنون الخط العربي، وفق ما أكده، معبرا عن شكره وزارة الثقافة لاستحداث مركز متخصص لتدريب الفنون الجميلة بأسلوب عملي ميداني بالمجان.
وترى المعلمة أريج بدران أن أهمية تعلم الخط العربي، الذي يعزز الصبر والتركيز والدقة، ويشجع على تطوير الذوق الفني ويساعدها كثيراً في مسيرتها التعليمية، مؤكدة أن دراسة الخط العربي ليست عملية سهلة، ولا صعبة إذا اتبع الطريق الصحيح، فقط تحتاج لمعلم مباشر لأن تعلم هذا الفن في الأصل بالتلقي، وهذا يحتاج إلى التركيز في أول الطريق لدراسة الأساسيات والقواعد.
وتحدثت الطالبة الجامعية روان علي حمود، عن أهمية الدورة للطلاب المنخرطين في دورة الفنون التشكيلية لقضاء وقت فراغهم بالشيء الذي يعود عليهم بالفائدة المرجوة، بعيدا عن التكنولوجيا التي شغلت العالم، مشيرة إلى أهمية الفنون التشكيلية كنوع من أنواع العلاج النفسي بالفن الذي له دور بتفريغ الطاقات.
وتضيف: "تعلمنا في الدورات المقدمة في المركز كيفية تجنب وإبعاد الطاقة السلبية عن حياتنا، ومواجهة الغضب أو الانفعال بشيء مفيد غير مؤذ"، مشيرة إلى أن هناك طلابا من "متلازمة داون" منخرطون بهذه الدورة التي تمكنهم من إبراز مكنونهم الإبداعي للفن التشكيلي ويكون لهم حضور فاعل في مجتمعهم المحلي.
أحمد الشوابكة، (الغد)
3/12/2024